عَلَمًا بِالْغَلَبَةِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ عَلَى كِتَابِ دَاوُدَ النَّبِيءِ، وَهُوَ أَحَدُ أَسْفَارِ الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ عِنْدَ الْيَهُودِ.
وَعُطِفَتْ جُمْلَةُ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً عَلَى أَوْحَيْنا إِلَيْكَ. وَلَمْ يُعْطَفِ اسْمُ دَاوُدَ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَسْمَاءِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلَهُ لِلْإِيمَاءِ إِلَى أَنَّ الزَّبُورَ مُوحًى بِأَنْ يَكُونَ كِتَابًا.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ زَبُوراً- بِفَتْحِ الزَّايِ-، وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ وَخَلَفٌ- بِضَمِّ الزَّايِ-.
وَقَوْلُهُ: وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ يَعْنِي فِي آيِ الْقُرْآنِ مِثْلَ: هُودٍ، وَصَالِحٍ، وَشُعَيْبَ، وَزَكَرِيَّاءَ، وَيَحْيَى، وَإِلْيَاسَ، وَالْيَسَعَ، وَلُوطٍ، وَتُبَّعٍ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ:
وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ لَمْ يَذْكُرْهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ، فَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَرِدْ ذِكْرُهُ فِي السُّنَّةِ: مِثْلُ حَنْظَلَةَ بْنِ صَفْوَانَ نَبِيءِ أَصْحَابِ الرَّسِّ، وَمِثْلُ بَعْضِ حُكَمَاءِ الْيُونَانِ عِنْدَ بَعْضِ عُلَمَاءِ الْحِكْمَةِ. قَالَ السَّهْرَوَرْدِيُّ فِي «حِكْمَةِ الْإِشْرَاقِ» : «مِنْهُمْ أَهْلُ السِّفَارَةِ» . وَمِنْهُمْ مَنْ
ذَكَرَتْهُ السُّنَّةُ: مِثْلُ خَالِدِ بْنِ سِنَانٍ الْعَبْسِيِّ.
وَإِنَّمَا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى هُنَا الْأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ اشْتُهِرُوا عِنْدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مُحَاجَّتُهُمْ. وَإِنَّمَا تَرَكَ اللَّهُ أَنْ يَقُصَّ عَلَى النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْمَاءَ كَثِيرٍ مِنَ الرُّسُلِ لِلِاكْتِفَاءِ بِمَنْ قَصَّهُمْ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْمَذْكُورِينَ هُمْ أَعْظَمُ الرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ قَصَصًا ذَاتَ عِبَرٍ.
وَقَوْلُهُ: وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً غُيِّرَ الْأُسْلُوبُ فَعُدِلَ عَنِ الْعَطْفِ إِلَى ذِكْرِ فِعْلٍ آخَرَ، لِأَنَّ لِهَذَا النَّوْعِ مِنَ الْوَحْيِ مَزِيدَ أَهَمِّيَّةٍ، وَهُوَ مَعَ تِلْكَ الْمَزِيَّةِ لَيْسَ إِنْزَالَ كِتَابٍ مِنَ السَّمَاءِ، فَإِذَا لَمْ تَكُنْ عِبْرَةٌ إِلَّا بِإِنْزَالِ كِتَابٍ مِنَ السَّمَاءِ حَسَبَ اقْتِرَاحِهِمْ، فَقَدْ بَطَلَ أَيْضًا مَا عَدَا الْكَلِمَاتِ الْعَشْرِ الْمُنَزَّلَةِ فِي الْأَلْوَاحِ عَلَى مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ-.
وَكَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى صِفَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ عِنْدَنَا، وَهِيَ الْمُتَعَلِّقَةُ بِإِبْلَاغِ مُرَادِ اللَّهِ إِلَى الْمَلَائِكَةِ وَالرُّسُلِ، وَقَدْ تَوَاتَرَ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ تَوَاتُرًا ثَبَتَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute