لَا إِلَى الصِّنْفِ. وَأَلْحَقَ مَالِكٌ بِهَا الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ قِيَاسًا، وَهُوَ مِنْ قِيَاسِ الْأَدْوَنِ، وَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى إِذْ ذَكَرَهَا فِي مَعْرِضِ الِامْتِنَانِ الْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً [النَّحْل: ٨] .
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِصَاحِبَيْهِ، وَهُوَ اسْتِدْلَالٌ لَا يُعْرَفُ لَهُ نَظِير فِي الأدلّة الْفِقْهِيَّةِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يَجُوزُ أَكْلُ الْخَيْلِ. وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: ذَبَحْنَا فَرَسًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ فَأَكَلْنَاهُ. وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ.
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أنّ النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ وَرَخَّصَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ
. وَأَمَّا الْحُمُرُ الْأَهْلِيَّةُ فَقَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ أنّ النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكْلِهَا فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ. فَقِيلَ: لِأَنَّ الْحُمُرَ كَانَتْ حُمُولَتُهُمْ فِي تِلْكَ الْغَزَاةِ. وَقِيلَ: نَهَى عَنْهَا أَبَدًا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِإِبَاحَتِهَا. فَلَيْسَ لِتَحْرِيمِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَجْهٌ بَيِّنٌ مِنَ الْفِقْهِ وَلَا مِنَ السُّنَّةِ.
وَالْمَيْتَةُ الْحَيَوَانُ الَّذِي زَالَتْ مِنْهُ الْحَيَاةُ، وَالْمَوْتُ حَالَةٌ مَعْرُوفَةٌ تَنْشَأُ عَنْ وُقُوفِ حَرَكَةِ الدَّمِ بِاخْتِلَالِ عَمَلِ أَحَدِ الْأَعْضَاءِ الرئيسية أَو كلّها. وَعِلَّةُ تَحْرِيمِهَا أَنَّ الْمَوْتَ يَنْشَأُ عَنْ عِلَلٍ يَكُونُ مُعْظَمُهَا مُضِرًّا بِسَبَبِ الْعَدْوَى، وَتَمْيِيزُ مَا يُعْدِي عَنْ غَيْرِهِ عَسِيرٌ، وَلِأَنَّ الْحَيَوَانَ الْمَيِّتَ لَا يُدْرَى غَالِبًا مِقْدَارُ مَا مَضَى عَلَيْهِ فِي حَالَةِ الْمَوْتِ، فَرُبَّمَا مَضَتْ مُدَّةٌ تَسْتَحِيلُ مَعَهَا مَنَافِعُ لَحْمِهِ وَدَمِهِ مَضَارَّ، فَنِيطَ الْحُكْمُ بِغَالِبِ الْأَحْوَالِ وَأَضْبَطِهَا.
وَالدَّمُ هُنَا هُوَ الدَّمُ الْمُهْرَاقُ، أَيِ الْمَسْفُوحُ، وَهُوَ الَّذِي يُمْكِنُ سَيَلَانُهُ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي آيَةِ الْأَنْعَامِ [١٤٥] ، حَمْلًا لِمُطْلَقِ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى مُقَيَّدِ آيَةِ الْأَنْعَامِ، وَهُوَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ عُرُوقِ جَسَدِ الْحَيَوَانِ بِسَبَبِ قَطْعِ الْعِرْقِ وَمَا عَلَيْهِ مِنَ الْجِلْدِ، وَهُوَ سَائِلٌ لَزِجٌ أَحْمَرُ اللَّوْنِ مُتَفَاوِتُ الْحُمْرَةِ بِاخْتِلَافِ السِّنِّ وَاخْتِلَافِ أَصْنَافِ الْعُرُوقِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute