تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: [١٧٨] الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى.
وَقَدْ سَرَقَتِ الْمَخْزُومِيَّةُ فِي زَمَنِ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِقَطْعِ يَدِهَا وَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَى قُرَيْشٍ، فَقَالُوا: مَنْ يَشْفَعُ لَهَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ إِلَّا زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَلَمَّا شَفَعَ لَهَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ وَقَالَ: أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ، وَخَطَبَ فَقَالَ: «إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ الضَّعِيفُ قَطَعُوهُ،
وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا»
. وَفِي تَحْقِيقِ مَعْنَى السَّرِقَةِ وَنِصَابِ الْمِقْدَارِ الْمَسْرُوقِ الْمُوجِبِ لِلْحَدِّ وَكَيْفِيَّةِ الْقَطْعِ مَجَالٌ لِأَهْلِ الِاجْتِهَادِ مِنْ عُلَمَاء السّلف وأيّمة الْمَذَاهِبِ وَلَيْسَ مِنْ غَرَضِ الْمُفَسِّرِ. وَلَيْسَ مِنْ عَادَةِ الْقُرْآنِ تَحْدِيدُ الْمَعَانِي الشَّرْعِيَّةِ وَتَفَاصِيلِهَا ولكنّه يؤصّل تأوصيلها وَيُحِيلُ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ إِلَى مُتَعَارَفِ أَهْلِ اللِّسَانِ مِنْ مَعْرِفَةِ حَقَائِقِهَا وَتَمْيِيزِهَا عَمَّا يُشَابِهُهَا.
فَالسَّارِقُ: الْمُتَّصِفُ بِالسَّرِقَةِ. وَالسَّرِقَةُ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ الْعَرَبِ مُمَيَّزَةٌ عَنِ الْغَارَةِ وَالْغَصْبِ وَالِاغْتِصَابِ وَالْخِلْسَةِ، وَالْمُؤَاخَذَةُ بِهَا تَرْجِعُ إِلَى اعْتِبَارِ الشَّيْءِ الْمَسْرُوقِ مِمَّا يَشِحُّ بِهِ مُعْظَمُ النَّاسِ.
فَالسَّرِقَةُ: أَخْذُ أحد شَيْئا مَا يَمْلِكُهُ خُفْيَةً عَنْ مَالِكِهِ مُخْرِجًا إِيَّاهُ مِنْ مَوْضِعٍ هُوَ حِرْزُ مِثْلِهِ لَمْ يُؤْذَنْ آخِذُهُ بِالدُّخُولِ إِلَيْهِ.
وَالْمَسْرُوقُ: مَا لَهُ مَنْفَعَةٌ لَا يَتَسَامَحُ النَّاسُ فِي إِضَاعَتِهِ. وَقَدْ أَخَذَ الْعُلَمَاءُ تَحْدِيدَهُ بِالرُّجُوعِ إِلَى قِيمَةِ أَقَلِّ شَيْءٍ حكم النّبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَطْعِ يَدِ مَنْ سَرَقَهُ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ حَكَمَ بِقَطْعِ يَدِ سَارِقِ حَجَفَةٍ- بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ فَجِيمٍ مفتوحتين- (ترس بن جِلْدٍ) تُسَاوِي رُبُعَ دِينَارٍ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute