للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِهِ مِنْ بَيْتِ زُهَيْرٍ وَغَيْرِهِ فَهُوَ مِنْ نَوَادِرِ كَلَامِ الْعَرَبِ، وَمِمَّا أُخْرِجَ مَخْرَجَ الْأَلْغَازِ وَالتَّمْلِيحِ وَذَلِكَ لَا يُنَاسِبُ مَقَامَ الْكِتَابِ الْمَجِيدِ.

النَّوْعُ الثَّانِي يَجْمَعُ الْأَقْوَالَ الرَّاجِعَةَ إِلَى أَنَّ هَاتِهِ الْحُرُوفَ وُضِعَتْ بِتِلْكَ الْهَيْئَاتِ أَسْمَاءً أَوْ أَفْعَالًا وَفِيهِ مِنَ الْأَقْوَالِ أَرْبَعَةٌ.

التَّاسِعُ فِي عِدَادِ الْأَقْوَالِ فِي أَوَّلِهَا لِجَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ وَاخْتَارَهُ الْفَخْرُ

أَنَّهَا أَسْمَاءٌ لِلسُّوَرِ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا، قَالَهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَنُسِبَ لِسِيبَوَيْهِ فِي «كِتَابِهِ» بَابِ أَسْمَاءِ السُّوَرِ مِنْ أَبْوَابِ مَا لَا يَنْصَرِفُ أَوْ لِلْخَلِيلِ وَنَسَبَهُ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» لِلْأَكْثَرِ وَيُعَضِّدُهُ وُقُوعُ هَاتِهِ الْحُرُوفِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ فَتَكُونُ هَاتِهِ الْحُرُوفُ قَدْ جُعِلَتْ أَسْمَاءً بِالْعَلَامَةِ عَلَى تِلْكَ السُّوَرِ، وَسُمِّيَتْ بِهَا كَمَا نَقُولُ الْكُرَّاسَةَ ب وَالرِّزْمَةَ ج وَنَظَّرَهُ الْقُفَّالُ بِمَا سَمَّتِ الْعَرَبُ بِأَسْمَاءِ الْحُرُوفِ كَمَا سَمَّوْا لَامَ الطَّائِيَّ وَالِدِ حَارِثَةَ، وَسَمَّوُا الذَّهَبَ عَيْنٌ، وَالسَّحَابَ غَيْنٌ، وَالْحُوتَ نُونْ، والجبل قَاف، وأقوال، وَحَاءُ قَبِيلَةٌ مِنْ مَذْحِجٍ، وَقَالَ شُرَيْحُ بْنُ أَوْفَى الْعَنْسِيُّ أَوِ الْعَبْسِيُّ:

يُذَكِّرُنِي حَامِيمَ وَالرُّمْحُ شَاجِرٌ ... فَهَلَّا تَلَا حَامِيمَ قَبْلَ التَّقَدُّمِ (١)

يُرِيدُ حم عسق [الشورى: ١، ٢] الَّتِي فِيهَا: قُلْ لَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى [الشورى: ٢٣] . وَيَبْعُدُ هَذَا الْقَوْلُ بُعْدًا مَا إِنِ الشَّأْنُ أَنْ يَكُونَ الِاسْمُ غَيْرَ دَاخِلٍ فِي الْمُسَمَّى وَقَدْ وَجَدْنَا هَذِهِ الْحُرُوفَ مَقْرُوءَةً مَعَ السُّوَرِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، عَلَى أَنَّهُ يَرُدُّهُ اتِّحَادُ هَذِهِ الْحُرُوفِ فِي عِدَّةِ سُوَرٍ مِثْلَ الم والر وحم. وَأَنَّهُ لَمْ تُوضَعْ أَسْمَاءُ السُّوَرِ الْأُخْرَى فِي أَوَائِلِهَا.

الْقَوْلُ الْعَاشِرُ وَقَالَ جَمَاعَةٌ إِنَّهَا أَسْمَاءٌ لِلْقُرْآنِ اصْطُلِحَ عَلَيْهَا قَالَهُ الْكَلْبِيُّ وَالسُّدِّيُّ وَقَتَادَةُ وَيُبْطِلُهُ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ بَعْدَ بَعْضِهَا مَا لَا يُنَاسِبُهَا لَوْ كَانَتْ أَسْمَاءً لِلْقُرْآنِ، نَحْوَ الم غُلِبَتِ الرُّومُ [الرُّومُ: ١، ٢] ، والم أَحَسِبَ النَّاسُ [العنكبوت: ١، ٢] .

الْقَوْلُ الْحَادِيَ عَشَرَ أَنَّ كُلَّ حُرُوفٍ مُرَكَّبَةٍ مِنْهَا هِيَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ رَوَوْا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ يَا كهيعص يَا حم عسق وَسَكَتَ عَنِ الْحُرُوفِ الْمُفْرَدَةِ فَيَرْجِعُ بِهَا إِلَى مَا يُنَاسِبُهَا أَنْ تَنْدَرِجَ تَحْتَهُ مِنَ الْأَقْوَالِ وَيُبْطِلَهُ عَدَمُ الِارْتِبَاطِ بَيْنَ بَعْضِهَا وَبَيْنَ مَا بَعْدَهُ لِأَنْ يَكُونَُُ


(١) الضَّمِير فِي يذكرنِي رَاجع لمُحَمد بن طَلْحَة السَّجَّاد بن عبيد الله الْقرشِي من بني مرّة بن كَعْب، وَأَرَادَ بحم سُورَة الشورى لِأَن فِيهَا: قُلْ لَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى [الشورى:
٢٣] فَكَانَت دَالَّة على قرَابَة النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقريش الَّذين مِنْهُم مُحَمَّد السَّجَّاد.