خَطَرَ لِشَاوُلَ، وَكَانَ مَرِيضًا، أَنْ يَتَّخِذَ مَنْ يَضْرِبُ لَهُ بِالْعودِ عِنْد مَا يَعْتَادُهُ الْمَرَضُ، فَصَادَفَ أَنِ اخْتَارُوا لَهُ دَاوُدَ فَأَلْحَقَهُ بِأَهْلِ مَجْلِسِهِ لِيَسْمَعَ أَنْغَامَهُ. وَلَمَّا حَارَبَ جُنْدُ (شَاوُلَ) الْكَنْعَانِيِّينَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، كَانَ النَّصْرُ لِلْإِسْرَائِيلِيِّينَ بِسَبَبِ دَاوُدَ إِذْ رَمَى الْبَطَلَ الْفِلَسْطِينِيَّ (جَالُوتَ) بِمِقْلَاعِهِ بَيْنَ عَيْنَيْهِ فَصَرَعَهُ وَقَطَعَ رَأْسَهُ، فَلِذَلِكَ صَاهَرَهُ (شَاوُلُ) بِابْنَتِهِ (مِيكَالَ) ، ثُمَّ إِنَّ (شَاوُلَ) تَغَيَّرَ عَلَى دَاوُدَ، فَخَرَجَ دَاوُدُ إِلَى بِلَادِ الْفِلَسْطِينِيِّينَ وَجَمَعَ جَمَاعَةً تَحْتَ قِيَادَتِهِ، وَلَمَّا قُتِلَ (شَاوُلُ) سَنَةَ ١٠٥٥ بَايَعَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْجُنْدِ الْإِسْرَائِيلِيِّ فِي فِلَسْطِينَ دَاوُدَ مَلِكًا عَلَيْهِمْ.
وَجَعَلَ مَقَرَّ مُلْكِهِ (حَبْرُونَ) ، وَبَعْدَ سَبْعِ سِنِينَ قُتِلَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي خَلَفَ شَاوُلَ فَبَايَعَتِ الْإِسْرَائِيلِيُّونَ كُلُّهُمْ دَاوُدَ مَلِكًا عَلَيْهِمْ، وَرَجَعَ إِلَى أُورَشْلِيمَ، وَآتَاهُ اللَّهُ النُّبُوءَةَ وَأَمَرَهُ بِكِتَابَةِ الزَّبُورِ الْمُسَمَّى عِنْدَ الْيَهُودِ بِالْمَزَامِيرِ.
وَسُلَيْمَانُ تَقَدَّمَتْ تَرْجَمَتُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [١٠٢] .
وَأَيُّوبُ نَبِيءٌ أَثْبَتَ الْقُرْآنُ نُبُوءَتَهُ. وَلَهُ قِصَّةٌ مُفَصَّلَةٌ فِي الْكِتَابِ الْمَعْرُوفِ بِكِتَابِ أَيُّوبَ، مِنْ جُمْلَةِ كُتُبِ الْيَهُودِ. وَيَظُنُّ بَعْضُ الْمُؤَرِّخِينَ أَنَّ أَيُّوبَ مِنْ ذُرِّيَّةِ (نَاحُورَ) أَخِي إِبْرَاهِيمَ. وَبَعْضُهُمْ ظَنَّ أَنَّهُ ابْنُ حَفِيدِ عِيسُو بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَفِي كِتَابِهِ أَنَّ أَيُّوبَ كَانَ سَاكِنًا بِأَرْضِ عُوصَ (وَهِيَ أَرْضُ حُورَانَ بِالشَّامِ، وَهِيَ مَنَازِلُ بَنِي عُوصِ بْنِ إِرَمَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ، وَهُمْ أُصُولُ عَادٍ) وَكَانَتْ مُجَاوِرَةً لِحُدُودِ بِلَادِ الْكِلْدَانِ، وَقَدْ ورد ذكر الكلدان فِي كِتَابِ أَيُّوبَ وَبَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ يَظُنُّ أَنَّهُ مَنْ صِنْفٍ عَرَبِيٍّ وَأَنَّهُ مَنْ عُوصَ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عَدَمُ التَّعَرُّضِ لِنِسْبَتِهِ فِي كِتَابِهِ، وَالِاقْتِصَارُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ بِأَرْضِ عُوصَ (الَّذِينَ هُمْ مِنَ الْعَرَبِ الْعَارِبَةِ) . وَزَعَمُوا أَنَّ كَلَامَهُ الْمَسْطُورَ فِي كِتَابِهِ كَانَ بِلُغَةٍ عَرَبِيَّةٍ، وَأَنَّ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- نَقَلَهُ إِلَى الْعِبْرَانِيَّةِ. وَبَعْضُهُمْ يَظُنُّ أَنَّ الْكَلَامَ الْمَنْسُوبَ إِلَيْهِ كَانَ شِعْرًا تَرْجَمَهُ مُوسَى فِي كِتَابِهِ وَأَنَّهُ أَوَّلُ شِعْرٍ عُرِفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute