للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التَّعْرِيضِ بِشَخْصٍ مِنْ بَابِ «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ» ، وَذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ عَوْدِ الضَّمِيرِ عَلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ اعْتِمَادًا عَلَى أَنَّهُ مُسْتَحْضَرٌ فِي ذِهْنِ السَّامِعِ.

وَقَوْلُهُ: قُلِ اللَّهُ جَوَابُ الِاسْتِفْهَامِ التَّقْرِيرِيِّ. وَقَدْ تَوَلَّى السَّائِلُ الْجَوَابَ لِنَفْسِهِ بِنَفْسِهِ لِأَنَّ الْمَسْئُولَ لَا يَسَعُهُ إِلَّا أَنْ يُجِيبَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُكَابِرَ، عَلَى مَا قَرَّرْتُهُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ [١٢] .

وَالْمَعْنَى قُلِ اللَّهُ أَنْزَلَ الْكِتَابَ عَلَى مُوسَى. وَإِذَا كَانَ وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا مَعْطُوفًا عَلَى جُمْلَةِ أَنْزَلَ كَانَ الْجَوَابُ شَامِلًا لَهُ، أَيِ اللَّهُ عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَيَكُونُ جَوَابًا عَنِ الْفِعْلِ الْمُسْنَدِ إِلَى الْمَجْهُولِ بِفِعْلٍ مُسْنَدٍ إِلَى الْمَعْلُومِ عَلَى حَدِّ قَوْلِ ضِرَارِ بْنِ نَهْشَلٍ أَوِ الْحَارِثِ النَّهْشَلِيِّ يَرْثِي أَخَاهُ يَزِيدَ:

لِيَبْكِ يَزِيدَ ضَارِعٌ لِخُصُومَةٍ ... وَمُخْتَبِطٌ مِمَّا تُطِيحُ الطَّوَائِحُ

كَأَنَّهُ سُئِلَ مَنْ يُبْكِيهِ فَقَالَ: ضَارِعٌ.

وَعَطَفَ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ بِثُمَّ لِلدَّلَالَةِ عَلَى التَّرْتِيبِ الرُّتْبِيِّ، أَيْ أَنَّهُمْ لَا تَنْجَعُ فِيهِمُ الْحُجَجُ وَالْأَدِلَّةُ فَتَرْكُهُمْ وَخَوْضَهُمْ بَعْدَ التَّبْلِيغِ هُوَ الْأَوْلَى وَلَكِنَّ الِاحْتِجَاجَ عَلَيْهِمْ لِتَبْكِيتِهِمْ وَقَطْعِ مَعَاذِيرِهِمْ.

وَقَوْلُهُ: فِي خَوْضِهِمْ مُتَعَلِّقٌ بِ ذَرْهُمْ. وَجُمْلَةُ يَلْعَبُونَ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الْجَمْعِ. وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي «ذَرْ» فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ [الْأَنْعَام: ٧٠] .

وَالْخَوْضُ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ [الْأَنْعَام: ٦٨] . وَاللَّعِبُ تَقَدَّمَ فِي وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً فِي هَذِه السّورة [٧٠] .