للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِلْحَمُولَةِ وَلِلْفَرْشِ لِأَنَّهُ أَوْسَعُ مَعَانِي (مِنْ) . وَالْمَجْرُورُ: إِمَّا مُتَعَلِّقٌ ب أَنْشَأَ [الْأَنْعَام: ١٤١] ، وَإِمَّا حَالٌ مِنْ حَمُولَةً أَصْلُهَا صِفَةٌ فَلَمَّا قُدِّمَتْ تَحَوَّلَتْ.

وَأَيًّا مَا كَانَ فَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ عَلَى الْمَفْعُولِ الَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ فِي تَرْتِيبِ الْمُتَعَلِّقَاتِ، أَوْ تَقْدِيمِ الصِّفَةِ عَلَى الْمَوْصُوفِ، لِقَصْدِ الِاهْتِمَامِ بِأَمْرِ الْأَنْعَامِ، لِأَنَّهَا الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ، وَهُوَ إِبْطَالُ تَحْرِيمِ بَعْضِهَا، وَإِبْطَالُ جَعْلِ نَصِيبٍ مِنْهَا لِلْأَصْنَامِ، وَأَمَّا الْحَمْلُ وَالْفَرْشُ فَذَلِكَ امْتِنَانٌ أُدْمِجَ فِي الْمَقْصُودِ تَوْفِيرًا لِلْأَغْرَاضِ، وَلِأَنَّ لِلِامْتِنَانِ

بِذَلِكَ أَثَرًا وَاضِحًا فِي إِبْطَالِ تَحْرِيمِ بَعْضِهَا الَّذِي هُوَ تَضْيِيقٌ فِي الْمِنَّةِ وَنَبْذٌ لِلنِّعْمَةِ، وَلِيَتِمَّ الْإِيجَازُ إِذْ يُغْنِي عَنْ أَنْ يَقُولَ: وَأَنْشَأَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ وَأَنْشَأَ مِنْهَا حَمُولَةً وَفَرْشًا، كَمَا سَيَأْتِي.

وَالْأَنْعَامُ: الْإِبِلُ، وَالْبَقَرُ، وَالشَّاءُ، وَالْمَعْزُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي صَدْرِ سُورَةِ الْعُقُودِ، وَالْحَمُولَةُ- بِفَتْحِ الْحَاءِ- مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ الْمَتَاعُ أَوِ النَّاسُ يُقَالُ: حَمَلَ الْمَتَاعَ وَحَمَلَ فُلَانًا، قَالَ تَعَالَى: إِذا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ [التَّوْبَة: ٩٢] وَيَلْزَمُهَا التَّأْنِيثُ، وَالْإِفْرَادُ مِثْلُ (صَرُورَةٍ) لِلَّذِي لَمْ يَحُجَّ يُقَالُ: امْرَأَةٌ صَرُورَةٌ وَرَجُلٌ صَرُورَةٌ.

وَالْفَرْشُ: اخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ. فَقِيلَ: الْفَرْشُ مَا لَا يُطِيقُ الْحَمْلَ مِنَ الْإِبِلِ أَيْ فَهُوَ يُرْكَبُ كَمَا يُفْرَشُ الْفَرْشُ، وَهَذَا قَوْلُ الرَّاغِبِ. وَقِيلَ: الْفَرْشُ الصِّغَارُ مِنَ الْإِبِلِ أَوْ مِنَ الْأَنْعَامِ كُلِّهَا، لِأَنَّهَا قَرِيبَةٌ مِنَ الْأَرْضِ فَهِيَ كَالْفَرْشِ، وَقِيلَ: الْفَرْشُ مَا يُذْبَحُ لِأَنَّهُ يُفْرَشُ عَلَى الْأَرْضِ حِينَ الذَّبْحِ أَوْ بَعْدِهِ، أَيْ فَهُوَ الضَّأْنُ وَالْمَعْزُ وَالْبَقَرُ لِأَنَّهَا تُذْبَحُ.

وَفِي «اللِّسَانِ» عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: أَجْمَعَ أَهْلُ اللُّغَةِ عَلَى أَنَّ الْفَرْشَ هُوَ صِغَارُ الْإِبِلِ.

زَادَ فِي «الْكَشَّافِ» : «أَوِ الْفَرْشُ: مَا يُنْسَجُ مِنْ وَبَرِهِ وَصُوفِهِ وَشَعْرِهِ الْفَرْشَ» يُرِيدُ أَنَّهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ [النَّحْل: ٨٠] ،