للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(١٤٤)

جُمْلَةُ: ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ حَالٌ مِنْ مِنَ الْأَنْعامِ [الْأَنْعَامِ: ١٤٢] . ذُكِرُ تَوْطِئَةً لِتَقْسِيمِ الْأَنْعَامِ إِلَى أَرْبَعَةِ أَصْنَافِ الَّذِي هُوَ تَوْطِئَةٌ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ لِقَوْلِهِ: قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ- إِلَى قَوْلِهِ- أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ أَيْ أَنْشَأَ مِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً إِلَى آخِرِهِ حَالَةَ كَوْنِهَا ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ.

وَالْأَزْوَاجُ جَمْعُ زَوْجٍ، وَالزَّوْجُ اسْمٌ لِذَاتٍ مُنْضَمَّةٌ إِلَى غَيْرِهَا عَلَى وَجْهِ الْمُلَازَمَةِ،

فَالزَّوْجُ ثَانٍ لِوَاحِدٍ، وَكُلٌّ مِنْ ذَيْنِكَ الِاثْنَيْنِ يُقَالُ لَهُ: زَوْجٌ، بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مَضْمُومٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقُلْنا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٣٥] ، وَيُطْلَقُ الزَّوْجُ غَالِبًا عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مَنْ بَنِي آدَمَ الْمُتَلَازِمَيْنِ بِعُقْدَةِ نِكَاحٍ، وَتُوُسِّعَ فِي هَذَا الْإِطْلَاقِ فَأُطْلِقَ بِالِاسْتِعَارَةِ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِنَ الْحَيَوَانِ الَّذِي يَتَقَارَنُ ذَكَرُهُ وَأُنْثَاهُ مِثْلُ حِمَارِ الْوَحْشِ وَأَتَانِهِ، وَذَكَرُ الْحَمَامِ وَأُنْثَاهُ، لِشَبْهِهَا بِالزَّوْجَيْنِ مِنَ الْإِنْسَانِ. وَيُطْلَقُ الزَّوْجُ عَلَى الصِّنْفِ مِنْ نَوْعٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ فِي سُورَةِ الرَّعْدِ [٣] . وَكِلَا الْإِطْلَاقَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ صَالِحٌ لِلْإِرَادَةِ هُنَا لِأَنَّ الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ وَالضَّأْنَ وَالْمَعْزَ أَصْنَافٌ لِلْأَنْعَامِ، وَلِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مِنْهُ ذَكَرٌ وَأُنْثَى. إِذِ الْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ مِنَ الْأَنْعَامِ ذَكَرَهَا وَأُنْثَاهَا، فَالْأَزْوَاجُ هُنَا أَزْوَاجُ الْأَصْنَافِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ زَوْجًا بِعَيْنِهِ، إِذْ لَا تُعَرَفُ بِأَعْيَانِهَا، فَثَمَانِيَةُ أَزْوَاجٍ هِيَ أَرْبَعَةُ ذُكُورٍ مِنْ أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ وَأَرْبَعُ إِنَاثٍ كَذَلِكَ.

وَقَوْلُهُ: مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ أَبَدَلَ اثْنَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ: ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ قَوْلُهُ: اثْنَيْنِ: بَدَلُ تَفْصِيلٍ، وَالْمُرَادُ: اثْنَيْنِ مِنْهَا أَيْ مِنَ الْأَزْوَاجِ، أَيْ ذَكَرٌ وَأُنْثَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَوْجٌ لِلْآخَرِ، وَفَائِدَةُ هَذَا التَّفْصِيلِ التَّوَصُّلُ لِذِكْرِ أَقْسَامِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ تَوْطِئَةً لِلِاسْتِدْلَالِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ: قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ الْآيَةَ.

وَسُلِكَ فِي التَّفْصِيلِ طَرِيقُ التَّوْزِيعِ تَمْيِيزًا للأنواع المتقاربة، فإنّ الضَّأْن والمعز متقاربان، وَكِلَاهُمَا يذبح، وَالْإِبِل وَالْبَقر مُتَقَارِبَة، وَالْإِبِلُ