للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تُنْحَرُ، وَالْبَقَرُ تُذْبَحُ وَتُنْحَرُ أَيْضًا.

وَمِنَ الْبَقَرِ صِنْفٌ لَهُ سِنَامٌ فَهُوَ أَشْبَهُ بِالْإِبِلِ وَيُوجَدُ فِي بِلَادِ فَارِسَ وَدَخَلَ بِلَادَ الْعَرَبِ وَهُوَ الْجَامُوسُ، وَالْبَقَرُ الْعَرَبِيُّ لَا سَنَامَ لَهُ وَثَوْرُهَا يُسَمَّى الْفَرِيشُ.

وَلَمَّا كَانُوا قَدْ حَرَّمُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ بَعْضَ الْغَنَمِ، وَمِنْهَا مَا يُسَمَّى بِالْوَصِيلَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَبَعْضَ الْإِبِل كالبحيرة والوصيلة أَيْضًا، وَلَمْ يُحَرِّمُوا بَعْضَ الْمَعْزِ وَلَا شَيْئًا مِنَ الْبَقَرِ، ناسب أَن يُؤْتى بِهَذَا التَّقْسِيمِ قَبْلَ الِاسْتِدْلَالِ تَمْهِيدًا لِتَحَكُّمِهُمْ إِذْ حَرَّمُوا بَعْضَ أَفْرَادٍ مِنْ أَنْوَاعٍ، وَلَمْ يُحَرِّمُوا بَعْضًا مِنْ أَنْوَاعٍ أُخْرَى، وَأَسْبَابُ التَّحْرِيمِ الْمَزْعُومَةِ تَتَأَتَّى فِي كُلِّ نَوْعٍ فَهَذَا إِبْطَالٌ إِجْمَالِيٌّ لِمَا شَرَّعُوهُ وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ دِينِ اللَّهِ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا.

وَهَذَا الِاسْتِدْلَالُ يُسَمَّى فِي عِلْمِ الْمُنَاظَرَةِ وَالْبَحْثِ بِالتَّحَكُّمِ.

وَالضَّأْنُ- بِالْهَمْزِ- اسْمُ جَمْعٍ لِلْغَنَمِ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ، وَمُفْرَدُ الضَّأْنِ شَاةٌ وَجَمْعُهَا شَاءٌ. وَقِيلَ هُوَ جَمْعُ ضَائِنٍ. وَالضَّأْنُ نَوْعٌ مِنَ الْأَنْعَامِ ذَوَاتِ الظِّلْفِ لَهُ صُوفٌ. وَالْمَعْزُ

اسْمُ جمع مفرده مَا عز، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الْأَنْعَامِ شَبِيهٌ بِالضَّأْنِ مِنْ ذَوَاتِ الظِّلْفِ لَهُ شَعْرٌ مُسْتَطِيلٌ، وَيُقَالُ: مَعْزٌ- بِسُكُونِ الْعَيْنِ- وَمَعَزٌ- بِفَتْحِ الْعَيْنِ- وَبِالْأَوَّلِ قَرَأَ نَافِعٌ. وَعَاصِمٌ، وَحَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ، وَخَلَفٌ. وَقَرَأَ بِالثَّانِي الْبَاقُونَ.

وَبَعْدَ أَنْ تَمَّ ذِكْرُ الْمِنَّةِ وَالتَّمْهِيدِ لِلْحُجَّةِ، غَيَّرَ أُسْلُوبَ الْكَلَامِ، فَابْتُدِئَ بِخِطَابِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِأَنْ يُجَادِلَ الْمُشْرِكِينَ وَيُظْهِرَ افْتِرَاءَهُمْ عَلَى اللَّهِ فِيمَا زَعَمُوهُ مِنْ تَحْرِيمِ مَا ابْتَدَعُوا تَحْرِيمَهُ مِنْ أَنْوَاعٍ وَأَصْنَافِ الْأَنْعَامِ عَلَى مَنْ عَيَّنُوهُ مِنَ النَّاسِ بِقَوْلِهِ:

قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ الْآيَاتِ. فَهَذَا الْكَلَامُ رَدٌّ على الْمُشْركين، لإبطال مَا شَرَّعُوهُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ- وَقَوْلِهِ: أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهذا الْآيَةَ.