للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ لِأَنَّ إِنْكَارَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ حَرَّمَ شَيْئًا مِنْ ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ ذَيْنِكَ الصِّنْفَيْنِ يَقْتَضِي تَكْذِيبَهُمْ فِي زَعْمِهِمْ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَا ذَكَرُوهُ فَيَلْزَمُ مِنْهُ طَلَبُ الدَّلِيلِ عَلَى دَعْوَاهُمْ. فَمَوْقِعُ جُمْلَةُ آلذَّكَرَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِفْسَارِ فِي عِلْمِ آدَابِ الْبَحْثِ. وَمَوْقِعُ جُمْلَةِ: نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ بِمَنْزِلَةِ الْمَنْعِ. وَهَذَا تَهَكُّمٌ لِأَنَّهُ لَا يُطْلَبُ تَلَقِّي عِلْمٍ مِنْهُمْ. وَهَذَا التَّهَكُّمُ تَابِعٌ لِصُورَةِ الِاسْتِفْهَامِ وَفَرْعٌ عَنْهَا. وَهُوَ هُنَا تَجْرِيد لِلْمَجَازِ أَوْ لِلْمَعْنَى الْمَلْزُومِ الْمُنْتَقِلِ مِنْهُ فِي الْكِنَايَةِ. وَتَثْنِيَةُ الذَّكَرَيْنِ وَالْأُنْثَيَيْنِ: بِاعْتِبَارِ ذُكُورِ وَإِنَاثِ النَّوْعَيْنِ.

وَتَعْدِيَةُ فِعْلِ: حَرَّمَ إِلَى آلذَّكَرَيْنِ والْأُنْثَيَيْنِ وَمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ، عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ مَعْلُومٍ مِنَ السِّيَاقِ، أَيْ: حَرَّمَ أَكْلَ الذَّكَرَيْنِ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ إِلَى آخِرِهِ.

وَالتَّعْرِيفُ فِي قَوْلِهِ: آلذَّكَرَيْنِ وَقَوْلِهِ: أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ تَعْرِيفُ الْجِنْسِ كَمَا فِي «الْكَشَّافِ» .

وَالْبَاءُ فِي بِعِلْمٍ: يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِتَعْدِيَةِ فِعْلِ الْإِنْبَاءِ، فَالْعِلْمُ بِمَعْنَى الْمَعْلُومِ.

وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلْمُلَابَسَةِ، أَيْ نَبِّئُونِي إِنْبَاءً مُلَابِسًا لِلْعِلْمِ، فَالْعِلْمُ مَا قَابَلَ الْجَهْلَ أَي إنباء عَالم. وَلَمَّا كَانُوا عَاجِزِينَ عَنِ الْإِنْبَاءِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمْ حرّموا مَا حرّموه بِجَهَالَةٍ وَسُوءِ عَقْلٍ لَا بِعِلْمٍ، وَشَأْنُ مَنْ يَتَصَدَّى لِلتَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ أَنْ يَكُونَ ذَا عِلْمٍ.

وَقَوْلُهُ: إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ أَيْ فِي قَوْلِكُمْ: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَا ذَكَرْتُمْ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ، لِأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا صَادِقِينَ فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ لَاسْتَطَاعُوا بَيَانَ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ، وَلَأَبْدَوْا حِكْمَةَ تَحْرِيمِ مَا حَرَّمُوهُ وَنَسَبُوا تَحْرِيمَهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى.

وَقَوْلُهُ: وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ- إِلَى قَوْلِهِ- أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ عَطْفٌ عَلَى: