وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ تَفْصِيلِ عَدَدِ ثَمَانِيَةِ أَزْوَاجٍ، وَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي سَابِقِهِ، وَالْمَقْصُودُ إِبْطَالُ تَحْرِيمِ الْبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ وَالْحَامِي وَمَا فِي بُطُونِ الْبَحَائِرِ وَالسَّوَائِبِ.
وأَمِ فِي قَوْلِهِ: أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ مُنْقَطِعَةٌ لِلْإِضْرَابِ الِانْتِقَالِيِّ. فَتُؤْذِنُ بِاسْتِفْهَامٍ مُقَدَّرٍ بَعْدَهَا حَيْثُمَا وَقَعَتْ. وَهُوَ إِنْكَارِيٌّ تَقْرِيرِيٌّ أَيْضًا بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ.
وَالشُّهَدَاءُ: الْحَاضِرُونَ جَمْعُ شَهِيدٍ وَهُوَ الْحَاضِرُ، أَيْ شُهَدَاءَ حِينَ وَصَّاكُمُ اللَّهُ، فَ إِذْ ظَرْفٌ لِ شُهَداءَ مُضَافٌ إِلَى جُمْلَةِ: وَصَّاكُمُ.
وَالْإِيصَاءُ: الْأَمْرُ بِشَيْءٍ يُفْعَلُ فِي غَيْبَةِ الْآمِرِ فَيُؤَكَّدُ عَلَى الْمَأْمُورِ بِفِعْلِهِ لِأَنَّ شَأْن الْغَائِب التّأكيد. وَأُطْلِقَ الْإِيصَاءُ عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ لِأَنَّ النَّاسَ لَمْ يُشَاهِدُوا اللَّهَ حِينَ فِعْلِهِمْ مَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ، فَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مُؤَكَّدًا فَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْإِيصَاءِ تَنْبِيهًا لَهُمْ عَلَى الِاحْتِرَازِ مِنَ التَّفْوِيتِ فِي أَوَامِرِ اللَّهِ، وَلِذَلِكَ أُطْلِقَ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ الْإِيصَاءُ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ، كَقَوْلِهِ:
يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ [النِّسَاء: ١١] .
وَالْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ: بِهذا إِلَى التَّحْرِيمِ الْمَأْخُوذِ مِنْ قَوْلِهِ: حَرَّمَ وَذَلِكَ لِأَنَّ فِي إِنْكَارِ مَجْمُوعِ التَّحْرِيمِ تَضُمُّنًا لِإِبْطَالِ تَحْرِيمٍ مُعَيَّنٍ ادَّعَوْهُ. وَهُمْ يَعْرِفُونَهُ. فَلِذَلِكَ صَحَّتِ الْإِشَارَةُ إِلَى التَّحْرِيمِ عَلَى الْإِجْمَالِ، وَخُصَّ بِالْإِنْكَارِ حَالَةُ الْمُشَاهَدَةِ، تَهَكُّمًا بِهِمْ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يكذّبون الرّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَالُهُمْ حَالُ مَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ مَوْضِعَ مَنْ يَحْضُرُ حَضْرَةَ اللَّهِ تَعَالَى لِسَمَاعِ أَوَامِرِهِ. أَوْ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْ شَرْعِ إِبْرَاهِيمَ وَلَا إِسْمَاعِيل عَلَيْهِم السَّلَامُ، وَلَمْ يَأْتِ بِهِ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ، وَلَمْ يَدَّعُوهُ، فَلَمْ يَبْقَ إلّا أنّ يدّعوا أَنَّ اللَّهَ خَاطَبَهُمْ بِهِ مُبَاشَرَةً.
وَقَوْلُهُ: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً مُتَرَتِّبٌ عَلَى الْإِنْكَارِ فِي قَوْلِهِ:
آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ- إِلَى قَوْلِهِ- إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهذا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute