كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ أُولئِكَ الْأَحْزابُ [ص: ١٢، ١٣] .
وَالْبَاءُ فِي يَكْفُرْ بِهِ كَالْبَاءِ فِي يُؤْمِنُونَ بِهِ.
وَالْمَوْعِدُ: ظَرْفٌ لِلْوَعْدِ مِنْ مَكَانٍ أَوْ زَمَانٍ. وَأُطْلِقَ هُنَا عَلَى الْمَصِيرِ الصَّائِرِ إِلَيْهِ لِأَنَّ شَأْنَ الْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ لِعَمَلٍ أَنْ يُعَيَّنَ بِهِ بِوَعْدٍ سَابِقٍ.
فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ تَفْرِيعٌ عَلَى جُمْلَةِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ وَالْخِطَابُ لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَالنَّهْيُ مُسْتَعْمَلٌ كِنَايَةً تَعْرِيضِيَّةً بِالْكَافِرِينَ بِالْقُرْآنِ لِأَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَنَقْصَهُ، فَمِنْ لَوَازِمِهِ ذَمُّ الْمُتَلَبِّسِ بِالْمَنْهِيِّ عَنْهُ. وَلَمَّا كَانَ الْمُخَاطَبُ غَيْرَ مَظِنَّةٍ لِلتَّلَبُّسِ بِالْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَيُطْلَبُ مِنْهُ تَرْكُهُ وَيَكُونُ النَّهْيُ طَلَبُ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ، تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ
غَيْرَ مُرَادٍ بِهِ الْكَفُّ وَالْإِقْلَاعُ عَنِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَيَكُونُ مُسْتَعْمَلًا فِي لَازِمِ ذَلِكَ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ.
وَمِمَّا يَزِيدُ ذَلِكَ وُضُوحًا قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الم السَّجْدَةِ [٢٣] وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَقْصُودُ تَحْذِيرَ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الامتراء فِي الْوَحْي لَمَا كَانَ لِتَفْرِيعِ ذَلِكَ عَلَى إِيتَاءِ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- الْكِتَابَ مُلَازَمَةٌ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الْمُرَادُ التَّعْرِيضَ بِالَّذِينِ أَنْكَرُوا الْوَحْيَ قَدَّمَ إِلَيْهِمُ احْتِجَاجَ سَبْقِ الْوَحْيِ لِمُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ-.
وفِي لِلظَّرْفِيَّةِ الْمَجَازِيَّةِ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِي تَمَكُّنِ التَّلَبُّسِ نَظَرًا لِحَالِ الَّذِينَ اسْتُعْمِلَ النَّهْيُ كِنَايَةً عَنْ ذَمِّهِمْ فَإِنَّهُمْ مُتَلَبِّسُونَ بِمَزِيَّةٍ شَدِيدَةٍ فِي شَأْنِ الْقُرْآنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute