وَآدَمُ اسْمُ الْإِنْسَانِ الْأَوَّلِ أَبِي الْبَشَرِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ وَقِيلَ مَنْقُولٌ مِنَ الْعِبْرَانِيَّةِ لِأَنَّ أَدَامَا بِالْعِبْرَانِيَّةِ بِمَعْنَى الْأَرْضَ وَهُوَ قَرِيبٌ لِأَنَّ التَّوْرَاةَ تَكَلَّمَتْ عَلَى خَلْقِ آدَمَ وَأَطَالَتْ فِي أَحْوَالِهِ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ اسْمُ أَبِي الْبَشَرِ قَدِ اشْتُهِرَ عِنْدَ الْعَرَبِ مِنَ الْيَهُود وَسَمَاع حكاياتهم، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الِاسْمُ عُرِفَ عِنْدَ الْعَرَبِ وَالْعِبْرَانِيِّينَ مَعًا مِنْ أَصْلِ اللُّغَاتِ السَّامِيَةِ فَاتَّفَقَتْ عَلَيْهِ فُرُوعُهَا. وَقَدْ سُمِّيَ فِي سِفْرِ التَّكْوِينِ مِنَ التَّوْرَاةِ بِهَذَا الِاسْمِ آدَمَ وَوَقَعَ فِي «دَائِرَةِ الْمَعَارِفِ الْعَرَبِيَّةِ» أَنَّ آدَمَ سَمَّى نَفْسَهُ إِيشَ (أَيْ ذَا مُقْتَنَى) وَتَرْجَمَتُهُ إِنْسَانٌ أَوْ قَرْءٌ.
قُلْتُ وَلَعَلَّهُ تَحْرِيفُ (إِيثَ) كَمَا سَتَعْلَمُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ [الْبَقَرَة: ٣٥] .
وَلِلْإِنْسَانِ الْأَوَّلِ أَسْمَاءُ أُخَرُ فِي لُغَاتِ الْأُمَمِ وَقَدْ سَمَّاهُ الْفُرْسُ الْقُدَمَاءُ «كَيُومِرْتَ» بِفَتْحِ الْكَافِ فِي أَوَّلِهِ وَبِتَاءٍ مُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ فِي آخِرِهِ، وَيُسَمَّى أَيْضًا «كيامرتن» بِأَلف عوق الْوَاوِ وَبِكَسْرِ الرَّاءِ وَبَنُونٍ بَعْدَ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ، قَالُوا إِنَّهُ مَكَثَ فِي الْجَنَّةِ ثَلَاثَةَ آلَافِ سَنَّةٍ ثُمَّ هَبَطَ إِلَى الْأَرْضِ فَعَاشَ فِي الْأَرْضِ ثَلَاثَةَ آلَافِ سَنَةٍ أُخْرَى، وَاسْمُهُ فِي الْعِبْرَانِيَّةِ (آدَمُ) كَمَا سُمِّيَ فِي التَّوْرَاةِ وَانْتَقَلَ هَذَا الِاسْمُ إِلَى اللُّغَاتِ الْإِفْرَنْجِيَّةِ مِنْ كُتُبِ الدِّيَانَةِ الْمَسِيحِيَّةِ فَسَمَّوْهُ (آدَامَ) بِإِشْبَاعِ الدَّالِ، فَهُوَ اسْمٌ عَلَى وَزْنِ فَاعِلٍ صِيغَ كَذَلِكَ اعْتِبَاطًا وَقَدْ جُمِعَ عَلَى أَوَادِمَ بِوَزْنِ فَوَاعِلَ كَمَا جُمِعَ خَاتَمُ وَهَذَا الَّذِي يُشِيرُ إِلَيْهِ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» وَجَعَلَ مُحَاوَلَةَ اشْتِقَاقِهِ كَمُحَاوَلَةِ اشْتِقَاقِ يَعْقُوبَ مِنَ الْعَقِبِ وَإِبْلِيسَ مِنَ الْإِبْلَاسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ أَيْ هِيَ مُحَاوَلَةٌ ضَئِيلَةٌ وَهُوَ الْحَقُّ.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ أَصْلُهُ أَأْدَمُ بِهَمْزَتَيْنِ عَلَى وَزْنِ أَفْعَلُ مِنَ الْأُدْمَةِ وَهِيَ لَوْنُ السُّمْرَةِ فَقُلِبَتْ ثَانِيَةُ الْهَمْزَتَيْنِ مَدَّةً وَيُبْعِدُهُ الْجَمْعَ وَإِنْ أَمْكَنَ تَأْوِيلُهُ بِأَنَّ أَصْلَهُ أَأَادَمُ فَقُلِبَتِ الْهَمْزَةُ الثَّانِيَةُ فِي الْجَمْعِ وَاوًا لِأَنَّهَا لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ كَمَا أَجَابَ بِهِ الْجَوْهَرِيُّ. وَلَعَلَّ اشْتِقَاقَ اسْمِ لَوْنِ الْأُدْمَةِ مِنِ اسْمِ آدَمَ أَقْرَبُ مِنَ الْعَكْسِ.
وَالْأَسْمَاءُ جَمْعُ اسْمٍ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ لَفْظٌ يَدُلُّ عَلَى مَعْنًى يَفْهَمُهُ ذِهْنُ السَّامِعِ فَيَخْتَصُّ بِالْأَلْفَاظِ سَوَاءً كَانَ مَدْلُولُهَا ذَاتًا وَهُوَ الْأَصْلُ الْأَوَّلُ، أَوْ صِفَةً أَوْ فِعْلًا فِيمَا طَرَأَ عَلَى الْبَشَرِ الِاحْتِيَاجُ إِلَيْهِ فِي اسْتِعَانَةِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ فَحَصَلَ مِنْ ذَلِكَ أَلْفَاظٌ مُفْرَدَةٌ أَوْ مُرَكَّبَةٌ وَذَلِكَ هُوَ مَعْنَى الِاسْمِ عُرْفًا إِذْ لَمْ يَقَعْ نَقْلٌ. فَمَا قِيلَ إِنَّ الِاسْمَ يُطْلَقُ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَى الشَّيْءِ سَوَاءٌ
كَانَ لَفْظَهُ أَوْ صِفَتَهُ أَوْ فِعْلَهُ تَوَهُّمٌ فِي اللُّغَةِ. وَلَعَلَّهُمْ تَطَوَّحُوا بِهِ إِلَى أَنَّ اشْتِقَاقَهُ مِنَ السِّمَةِ وَهِيَ الْعَلَامَةُ، وَذَلِكَ عَلَى تَسْلِيمِهِ لَا يَقْتَضِي أَنْ يَبْقَى مُسَاوِيًا لِأَصْلِ اشْتِقَاقِهِ. وَقَدْ قِيلَ هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ السُّمُوِّ لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute