للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ النَّابِغَةُ يُخَاطِبُ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ:

إِذَا حَاوَلْتَ فِي أَسَدٍ فُجُورًا ... فَإِنِّي لَسْتُ مِنْكَ وَلَسْتَ مِنِّي

وَقَالَ تَعَالَى: وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَما هُمْ مِنْكُمْ وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ [التَّوْبَة:

٥٦] .

وَتَأْكِيدُ الْخَبَرِ لِتَحْقِيقِهِ لِغَرَابَتِهِ.

وَجُمْلَةُ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ تَعْلِيلٌ لِمَضْمُونِ جُمْلَةِ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ فَ (إِنَّ) فِيهِ لِمُجَرَّدِ الِاهْتِمَامِ.

وعَمَلٌ فِي قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ- بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَنْوِينِ اللَّامِ- مَصْدَرٌ أَخْبَرَ بِهِ لِلْمُبَالَغَةِ وَبِرَفْعِ غَيْرُ عَلَى أَنَّهُ صِفَةُ (عَمَلٌ) . وَقَرَأَهُ الْكِسَائِيُّ، وَيَعْقُوبُ عَمَلٌ- بِكَسْرِ الْمِيمِ- بِصِيغَةِ الْمَاضِي وَبِنَصْبِ غَيْرُ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ لِفِعْلِ (عَمِلَ) . وَمَعْنَى الْعَمَلِ غَيْرِ الصَّالِحِ الْكُفْرُ، وَأُطْلِقَ عَلَى الْكُفْرِ (عَمَلٌ) لِأَنَّهُ عَمَلُ الْقَلْبِ، وَلِأَنَّهُ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي عَمَلِ صَاحِبِهِ كَامْتِنَاعِ ابْنِ نُوحٍ مِنَ الرُّكُوبِ الدَّالِّ عَلَى تَكْذِيبِهِ بِوَعِيدِ الطُّوفَانِ.

وَتَفَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ نَهْيُهُ أَنْ يَسْأَلَ مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ نَهْيَ عِتَابٍ، لِأَنَّهُ لَمَّا قِيلَ لَهُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ بِسَبَبِ تَعْلِيلِهِ بِأَنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ، سَقَطَ مَا مَهَّدَ بِهِ لِإِجَابَةِ سُؤَالِهِ، فَكَانَ حَقِيقًا بِأَنْ لَا يَسْأَلَهُ وَأَنْ يَتَدَبَّرَ مَا أَرَادَ أَنْ يَسْأَلَهُ مِنَ اللَّهِ.

وَقَرَأَهُ نَافِعٌ، وَابْنُ عَامِرٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ «فَلَا تَسْأَلَنِّي» - بِتَشْدِيدِ النُّونِ- وَهِيَ نُونُ التَّوْكِيدِ الْخَفِيفَةُ وَنُونُ الْوِقَايَةِ أُدْغِمَتَا. وَأَثْبَتَ يَاءَ الْمُتَكَلِّمِ مَنْ عَدَا ابْنَ كَثِيرٍ مِنْ هَؤُلَاءِ. أَمَّا ابْنُ كَثِيرٍ فَقَرَأَ «فَلَا تسألنّ» - بنُون مشدة مَفْتُوحَةٍ-. وَقَرَأَهُ أَبُو عَمْرٍو، وَعَاصِمٌ، وَحَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَيَعْقُوبُ، وَخَلَفٌ