يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ، فَجُمْلَةُ قالَتْ جَوَابٌ لِلْبِشَارَةِ.
وَ (يَعْقُوبُ) مُبْتَدَأٌ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ خَبَرٌ، وَالْجُمْلَةُ عَلَى هَذَا فِي مَحَلِّ الْحَالِ.
وَهَذِهِ قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ. وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ، وَحَمْزَةُ، وَحَفْصٌ يَعْقُوبَ بِفَتْحَةٍ وَهُوَ حِينَئِذٍ عَطْفٌ عَلَى إِسْحاقَ. وَفُصِلَ بَيْنَ حَرْفِ الْعَطْفِ وَالْمَعْطُوفِ بِالظَّرْفِ وَخَطْبُهُ سَهْلٌ وَإِنِ اسْتَعْظَمَهُ ظَاهِرِيَّةُ النُّحَاةِ كَأَبِي حَيَّانَ بِقِيَاسِ حَرْفِ الْعَطْفِ النَّائِبِ هُنَا مَنَابَ الْجَارِّ عَلَى الْجَارِّ نَفْسِهِ، وَهُوَ قِيَاسٌ ضَعِيفٌ إِذْ كَوْنُ لَفْظٍ بِمَعْنَى لَفْظٍ لَا يَقْتَضِي إِعْطَاءَهُ جَمِيعَ أَحْكَامِهِ كَمَا فِي «مُغْنِي اللَّبِيبِ» .
وَالنِّدَاءُ فِي يَا وَيْلَتى اسْتِعَارَةٌ تَبَعِيَّةٌ بِتَنْزِيلِ الْوَيْلَةِ مَنْزِلَةَ مَنْ يَعْقِلُ حَتَّى تُنَادَى، كَأَنَّهَا تَقُولُ: يَا وَيْلَتِي احْضُرْ هُنَا فَهَذَا مَوْضِعُكَ.
وَالْوَيْلَةُ: الْحَادِثَةُ الْفَظِيعَةُ وَالْفَضِيحَةُ. وَلَعَلَّهَا الْمَرَّةُ مِنَ الْوَيْلِ. وَتُسْتَعْمَلُ فِي مَقَامِ التَّعَجُّبِ، يُقَالُ: يَا وَيْلَتِي.
وَاتَّفَقَ الْقُرَّاءُ عَلَى قِرَاءَة يَا وَيْلَتى - بِفَتْحَةٍ مُشْبَعَةٍ فِي آخِرِهِ بِأَلْفٍ-. وَالْأَلِفُ الَّتِي فِي آخر يَا وَيْلَتى هُنَا يَجُوزُ كَوْنُهَا عِوَضًا عَنْ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ فِي النِّدَاءِ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا أَلِفُ الِاسْتِغَاثَةِ الْوَاقِعَةِ خَلَفًا عَنْ لَامِ الِاسْتِغَاثَةِ. وَأَصِلُهُ: يَا لِوَيْلَةَ. وَأَكْثَرُ مَا تَجِيءُ هَذِهِ الْأَلِفُ فِي التَّعَجُّبِ بِلَفْظِ عَجِبَ، نَحْوَ: يَا عَجَبًا، وَبِاسْمِ شَيْءٍ مُتَعَجَّبٍ مِنْهُ، نَحْوَ: يَا عُشْبًا.
وَكُتِبَ فِي الْمُصْحَفِ بِإِمَالَةٍ وَلَمْ يُقْرَأْ بِالْإِمَالَةِ، قَالَ الزَّجَّاجُ: كُتِبَ بِصُورَةِ الْيَاءِ عَلَى أَصْلِ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ.
وَالِاسْتِفْهَامُ فِي أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّعَجُّبِ. وَجُمْلَةُ أَنَا عَجُوزٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، وَهِيَ مَنَاطُ التَّعَجُّبِ.
وَالْبَعْلُ: الزَّوْجُ. وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ عِنْدَ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ فِي سُورَةِ النُّورِ [٣١] ، فَانْظُرْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute