للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضَيْفِهِ حَتَّى قَالُوا: إِنَّ ضَيْفَ لُوطٍ سَحَرَةٌ فَانْصَرَفُوا. وَذَلِكَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ تَعَالَى: فِي سُورَةِ الْقَمَرِ [٣٧]

وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ.

وَجُمْلَةُ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ مُبَيِّنَةٌ لِإِجْمَالِ جُمْلَةِ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ، فَلِذَلِكَ فُصِلَتْ فَلَمْ تُعْطَفْ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ عَطْفِ الْبَيَانِ.

وَتَفْرِيعُ الْأَمْرِ بِالسُّرَى عَلَى جُمْلَةِ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ لِمَا فِي حَرْفِ لَنْ مِنْ ضَمَانِ سَلَامَتِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كُلِّهِ. فَلَمَّا رَأَى ابْتِدَاءَ سَلَامَتِهِ مِنْهُمْ بِانْصِرَافِهِمْ حَسُنَ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ وَجْهَ سَلَامَتِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنْهُمْ بِاسْتِئْصَالِهِمْ وَبِنَجَاتِهِ، فَذَلِكَ مَوْقِعُ فَاءِ التَّفْرِيعِ.

وَ (أَسْرِ) أَمْرٌ بِالسُّرَى- بِضَمِّ السِّينِ وَالْقَصْرِ-. وَهُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ لِلسَّيْرِ فِي اللَّيْلِ إِلَى الصَّبَاحِ. وَفِعْلُهُ: سَرَى يُقَالُ بِدُونِ هَمْزَةٍ فِي أَوَّلِهِ وَيُقَالُ: أَسْرَى بِالْهَمْزَةِ.

قَرَأَهُ نَافِعٌ، وَابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ- بِهَمْزَةِ وَصْلٍ- عَلَى أَنَّهُ أَمْرٌ مِنْ سَرَى. وَقَرَأَهُ الْبَاقُونَ بِهَمْزَةِ قَطْعٍ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَسْرَى.

وَقَدْ جَمَعُوهُ فِي الْأَمْرِ مَعَ أَهْلِهِ لِأَنَّهُ إِذَا سَرَى بِهِمْ فَقَدْ سَرَى بِنَفْسِهِ إِذْ لَوْ بَعَثَ أَهْلَهُ وَبَقِيَ هُوَ لَمَا صَحَّ أَنْ يُقَالَ: أَسْرِ بِهِمْ لِلْفَرْقِ بَيْنَ أَذْهَبْتُ زَيْدًا وَبَيْنَ ذَهَبْتُ بِهِ.

وَالْقِطْعُ- بِكَسْرِ الْقَافِ-: الْجُزْءُ مِنَ اللَّيْلِ.

وَجُمْلَةُ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ. وَالِالْتِفَاتُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ هُوَ الِالْتِفَاتُ إِلَى الْمَكَانِ الْمَأْمُورِ بِمُغَادَرَتِهِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْقَرِينَةُ.

وَسَبَبُ النَّهْيِ عَنِ الِالْتِفَاتِ التَّقَصِّي فِي تَحْقِيقِ مَعْنَى الْهِجْرَةِ غَضَبًا لِحُرُمَاتِ اللَّهِ بِحَيْثُ يَقْطَعُ التَّعَلُّقَ بِالْوَطَنِ وَلَوْ تَعَلُّقَ الرُّؤْيَةَ. وَكَانَ تَعْيِينُ اللَّيْلِ لِلْخُرُوجِ كَيْلَا يُلَاقِي مُمَانَعَةً مِنْ قَوْمِهِ أَوْ مِنْ زَوْجِهِ فَيَشُقُّ عَلَيْهِ دِفَاعُهُمْ.