وَالِافْتِتَاحُ بِاسْمِ الْجَلَالَةِ دُونَ الضَّمِيرِ الَّذِي يَعُودُ إِلَى رَبِّكَ [الرَّعْد: ١] لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ بِهِ لَا يَشْتَبِهُ غَيْرُهُ مِنْ آلِهَتِهِمْ لِيَكُونَ الْخَبَرُ الْمَقْصُودُ جَارِيًا عَلَى مُعَيَّنٍ لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ إِبْلَاغًا فِي قَطْعِ شَائِبَةِ الْإِشْرَاكِ.
والَّذِي رَفَعَ هُوَ الْخَبَرُ. وَجُعِلَ اسْمَ مَوْصُولٍ لِكَوْنِ الصِّلَةِ مَعْلُومَةَ الدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ مَنْ تَثْبُتُ لَهُ هُوَ الْمُتَوَحِّدُ بِالرُّبُوبِيَّةِ إِذْ لَا يَسْتَطِيعُ مِثْلَ تِلْكَ الصِّلَةِ غَيْرُ الْمُتَوَحِّدِ وَلِأَنَّهُ مُسَلَّمٌ لَهُ ذَلِكَ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [لُقْمَان: ٢٥] .
وَالسَّمَاوَاتُ تَقَدَّمَتْ مِرَارًا، وَهِيَ الْكَوَاكِبُ السَّيَّارَةُ وَطَبَقَاتُ الْجَوِّ الَّتِي تَسْبَحُ فِيهَا.
وَرَفَعَهَا: خَلَقَهَا مُرْتَفِعَةً، كَمَا يُقَالُ: وَسِّعْ طَوْقَ الْجُبَّةِ وَضَيِّقْ كُمَّهَا، لَا تُرِيدُ وُسِّعْهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ ضَيِّقًا وَلَا ضَيِّقْهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ وَاسِعًا وَإِنَّمَا يُرَادُ اجْعَلْهُ وَاسِعًا وَاجْعَلْهُ ضَيِّقًا، فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ رَفَعَهَا بَعْدَ أَنْ كَانَتْ مُنْخَفِضَةً.
وَالْعَمَدُ: جَمْعُ عِمَادٍ مِثْلُ إهَاب وَأهب، والعماد: مَا تُقَامُ عَلَيْهِ الْقُبَّةُ وَالْبَيْتُ. وَجُمْلَةُ تَرَوْنَها فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ السَّماواتِ، أَيْ لَا شُبْهَةَ فِي كَوْنِهَا بِغَيْرِ عَمَدٍ.
وَالْقَوْلُ فِي مَعْنَى ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ وَفِي سُورَةِ يُونُسَ.
وَكَذَلِكَ الْكَلَامُ عَلَى سَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ [٥٤] .
وَالْجَرْيُ: السَّيْرُ السَّرِيعُ. وَسَيْرُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ فِي مَسَافَاتٍ شَاسِعَةٍ، فَهُوَ أَسْرَعُ التَّنَقُّلَاتِ فِي بَابِهَا وَذَلِكَ سَيْرُهَا فِي مَدَارَاتِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute