وَاللَّامُ لِلْعِلَّةِ. وَالْأَجَلُ: هُوَ الْمُدَّةُ الَّتِي قَدَّرَهَا اللَّهُ لِدَوَامِ سَيْرِهَا، وَهِيَ مُدَّةُ بَقَاءِ النِّظَامِ الشَّمْسِيِّ الَّذِي إِذَا اخْتَلَّ انْتَثَرَتِ الْعَوَالِمُ وَقَامَتِ الْقِيَامَةُ.
وَالْمُسَمَّى: أَصْلُهُ الْمَعْرُوفُ بِاسْمِهِ، وَهُوَ هُنَا كِنَايَةٌ عَنِ الْمُعَيَّنِ الْمُحَدَّدِ إِذِ التَّسْمِيَةُ تَسْتَلْزِمُ التَّعْيِينَ وَالتَّمْيِيزَ عَنِ الِاخْتِلَاطِ.
يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ جُمْلَةُ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنِ اسْمِ الْجَلَالَةِ. وَجُمْلَةُ يُفَصِّلُ الْآياتِ حَالٌ ثَانِيَةٌ تُرِكَ عَطْفُهَا عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا لِتَكُونَ عَلَى أُسْلُوبِ التَّعْدَادِ وَالتَّوْقِيفِ وَذَلِكَ اهْتِمَامٌ بِاسْتِقْلَالِهَا. وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ عَلَى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فِي سُورَةِ يُونُسَ [٣] .
وَتَفْصِيلُ الْآيَاتِ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ فِي طَالِعَةِ سُورَةِ هُودٍ [١] .
وَوَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا هُنَا أَنَّ تَدْبِيرَ الْأَمْرِ يَشْمَلُ تَقْدِيرَ الْخَلْقِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى التَّصَرُّفِ بِالتَّكْوِينِ لِلْعُقُولِ وَالْعَوَالِمِ، وَتَفْصِيلُ الْآيَاتِ مُشِيرٌ إِلَى التَّصَرُّفِ بِإِقَامَةِ الْأَدِلَّةِ وَالْبَرَاهِينِ، وَشَأْنُ مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ أَنْ يُفِيدَ اهْتِدَاءَ النَّاسِ إِلَى الْيَقِينِ بِأَنَّ بَعْدَ هَذِهِ الْحَيَاةِ حَيَاةً أُخْرَى، لِأَنَّ النَّظَرَ بِالْعَقْلِ فِي الْمَصْنُوعَاتِ وَتَدْبِيرَهَا يَهْدِي إِلَى ذَلِكَ، وَتَفْصِيلُ الْآيَاتِ وَالْأَدِلَّةِ يُنَبِّهُ الْعُقُولَ وَيُعِينُهَا عَلَى ذَلِكَ الِاهْتِدَاءِ وَيُقَرِّبُهُ. وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي سُورَةِ يُونُسَ: يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ [يُونُس: ٣] . وَهَذَا مِنْ إِدْمَاجِ غَرَضٍ فِي أَثْنَاءِ غَرَضٍ آخَرَ لِأَنَّ الْكَلَامَ جَارٍ عَلَى إِثْبَاتِ الْوَحْدَانِيَّةِ. وَفِي أَدِلَّةِ الْوَحْدَانِيَّةِ دَلَالَةٌ عَلَى الْبَعْثِ أَيْضًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute