للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْبُرُوزُ: الْخُرُوجُ مِنْ مَكَانٍ حَاجِبٍ مِنْ بَيْتٍ أَوْ قَرْيَةٍ. وَالْمَعْنَى: حُشِرُوا مِنَ الْقُبُورِ.

وجَمِيعاً تَأْكِيدٌ لِيَشْمَلَ جَمِيعَهُمْ مِنْ سَادَةٍ وَلَفِيفٍ.

وَقَدْ جِيءَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِوَصْفِ حَالِ الْفِرَقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمُجَادَلَةِ أَهْلِ الضَّلَالَةِ مَعَ قَادَتِهِمْ، وَمُجَادَلَةُ الْجَمِيعِ لِلشَّيْطَانِ، وَكَوْنُ الْمُؤْمِنِينَ فِي شُغُلٍ عَنْ ذَلِكَ بِنُزُلِ الْكَرَامَةِ.

وَالْغَرَضُ مِنْ ذَلِكَ تَنْبِيهُ النَّاسِ إِلَى تَدَارُكِ شَأْنِهِمْ قَبْلَ الْفَوَاتِ. فَالْمَقْصُودُ: التَّحْذِيرُ مِمَّا يُفْضِي إِلَى سُوءِ الْمَصِيرِ.

وَاللَّامُ الْجَارَّةُ لِاسْمِ الْجَلَالَةِ مُعَدِّيَةٌ فِعْلَ بَرَزُوا إِلَى الْمَجْرُورِ. يُقَالُ: بَرَزَ لِفُلَانٍ، إِذَا ظَهَرَ لَهُ، أَيْ حَضَرَ بَيْنَ يَدَيْهِ، كَمَا يُقَالُ: ظَهَرَ لَهُ.

وَالضُّعَفَاءُ: عَوَامُّ النَّاسِ وَالْأَتْبَاعُ. وَالَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا: السَّادَةُ، لِأَنَّهُمْ يَتَكَبَّرُونَ عَلَى الْعُمُومِ وَكَانَ التَّكَبُّرُ شِعَارَ السَّادَةِ. وَالسِّينُ وَالتَّاءُ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْكِبْرِ. وَالتَّبَعُ: اسْمُ جَمْعٍ التَّابِعُ مِثْلُ الْخَدَمِ وَالْخَوَلِ، وَالْفَاءُ لِتَفْرِيعِ الِاسْتِكْبَارِ عَلَى التَّبَعِيَّةِ لِأَنَّهَا سَبَبٌ يَقْتَضِي الشَّفَاعَةَ لَهُمْ.

وَمُوجِبُ تَقْدِيمِ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ عَلَى الْمُسْنَدِ فِي فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا أَنَّ الْمُسْتَفْهَمَ عَنْهُ كَوْنُ الْمُسْتَكْبِرِينَ يُغْنُونَ عَنْهُمْ لَا أَصْلُ الْغَنَاءِ عَنْهُمْ، لِأَنَّهُمْ آيِسُونَ مِنْهُ لَمَّا رَأَوْا آثَارَ الْغَضَبِ الْإِلَهِيِّ عَلَيْهِمْ وَعَلَى سَادَتِهِمْ. كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ حِكَايَةُ قَوْلِ الْمُسْتَكْبِرِينَ سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا مَا لَنا مِنْ مَحِيصٍ، فَعَلِمُوا أَنَّهُمْ قَدْ غَرُّوهُمْ فِي الدُّنْيَا، فَتَعَيَّنَ أَنَّ الِاسْتِفْهَامَ مُسْتَعْمَلٌ فِي التورّك والتوبيخ والتبكيت، أَيْ فَأَظْهِرُوا مَكَانَتَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ الَّتِي كُنْتُمْ تَدَّعُونَهَا وَتَغُرُّونَنَا بِهَا فِي الدُّنْيَا. فَإِيلَاءُ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ حَرْفُ الِاسْتِفْهَامِ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ اسْتِفْهَامٌ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ، وَبَيَّنَهُ مَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ سُورَةِ غَافِرٍ [٤٧، ٤٨] وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيها إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ.

وَ (مِنْ) فِي قَوْلِهِ: مِنْ عَذابِ اللَّهِ بَدَلِيَّةٌ، أَيْ غَنَاءً بَدَلًا عَنْ عَذَابِ اللَّهِ..