لِكُلِّ شَيْءٍ [سُورَة النَّحْل: ٨٩] إِلَخْ، وَلِأَنْ تَكُونَ مُقَدِّمَةً لِمَا بَعْدَهَا وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ [سُورَة النَّحْل: ٩١] الْآيَةَ.
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ أَجْمَعُ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ.
وَعَنْ قَتَادَةَ: لَيْسَ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَعْمَلُونَ بِهِ وَيَسْتَحْسِنُونَهُ إِلَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَلَيْسَ مِنْ خُلُقٍ كَانُوا يَتَعَايَرُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَقَدَحَ فِيهِ، وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ سَفَاسِفِ الْأَخْلَاقِ وَمَذَامِّهَا.
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: أَمر الله نبيئه أَنْ يَعْرِضَ نَفْسَهُ عَلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ، فَخَرَجَ، فَوَقَفَ عَلَى مَجْلِسِ قَوْمٍ مِنْ شَيْبَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ فِي الْمَوْسِمِ. فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَأَنْ يَنْصُرُوهُ، فَقَالَ مَفْرُوقُ بْنُ عَمْرٍو مِنْهُمْ: إِلَامَ تَدْعُونَا أَخَا قُرَيْشٍ، فَتَلَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ الْآيَةَ. فَقَالَ: دَعَوْتَ وَاللَّهِ إِلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَمَحَاسِنِ الْأَعْمَالِ وَلَقَدْ أَفِكَ قَوْمٌ كَذَّبُوكَ وَظَاهَرُوا عَلَيْكَ.
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الْفِقْرَاتِ الشَّهِيرَةَ الَّتِي شَهِدَ بِهَا الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ لِلْقُرْآنِ مِنْ قَوْلِهِ: «إِنَّ لَهُ لَحَلَاوَةً، وَإِنَّ عَلَيْهِ لَطَلَاوَةً، وَإِنَّ أَعْلَاهُ لَمُثْمِرٌ، وَإِنَّ أَسْفَلَهُ لَمُغْدِقٌ، وَمَا هُوَ بِكَلَامِ بَشَرٍ» قَالَهَا عِنْدَ سَمَاعِ هَذِهِ الْآيَةِ.
وَقَدِ اهْتَدَى الْخَلِيفَةُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ- رَحِمَهُ اللَّهُ- إِلَى مَا جَمَعَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ مِنْ مَعَانِي الْخَيْرِ فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ سَنَةَ ٩٩ كَتَبَ يَأْمُرُ الْخُطَبَاءَ بِتِلَاوَةِ هَذِهِ الْآيَةِ فِي الْخُطْبَةِ يَوْمَ
الْجُمْعَةِ وَتُجْعَلُ تِلَاوَتُهَا عِوَضًا عَمَّا كَانُوا يَأْتُونَهُ فِي خُطْبَةِ الْجُمْعَةِ مِنْ كَلِمَاتِ سَبِّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-. وَفِي تِلَاوَةِ هَذِهِ الْآيَةِ عِوَضًا عَنْ ذَلِكَ السَّبِّ دَقِيقَةٌ أَنَّهَا تَقْتَضِي النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ السَّبِّ إِذْ هُوَ مَنَّ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغِيِّ.
وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تعْيين الْوَقْت الَّتِي ابْتُدِعَ فِيهِ هَذَا السَّبُّ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute