وَصَارَتْ تُسَمَّى إِيلِيَاءَ- بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ- وَكَذَلِكَ كَانَ اسْمُهَا الْمَعْرُوفُ عِنْد الْعَرَب عِنْد مَا فَتَحَ الْمُسْلِمُونَ فِلَسْطِينَ.
وإيلياء اسْم نبيء مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ فِي أَوَائِلِ الْقَرْنِ التَّاسِعِ قَبْلَ الْمَسِيحِ. قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
وَبَيْتَانِ بَيْتُ اللَّهِ نَحْنُ وُلَاتُهُ ... وَبَيْتٌ بِأَعْلَى إِيلِيَاءَ مُشَرَّفُ
وَانْعَقَدَ الصُّلْحُ بَيْنَ عُمَرَ وَأَهْلِ تِلْكَ الْمَدِينَةِ وَهُمْ نَصَارَى. قَالَ عُمَرُ لِبِطْرِيقٍ لَهُمُ اسْمُهُ (صَفْرُونِيُوسَ) «دُلَّنِي على مَسْجِد دَاوُود» ، فَانْطَلَقَ بِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَكَانِ الْبَابِ وَقَدِ انْحَدَرَ الزِّبْلُ عَلَى دَرَجِ الْبَابِ فَتَجَشَّمَ عُمَرُ حَتَّى دَخَلَ وَنَظَرَ فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، هَذَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَسْجِد دَاوُود الَّذِي أَخْبَرَنَا رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ إِلَيْهِ» . ثُمَّ أَخَذَ عُمَرُ وَالْمُسْلِمُونَ يَكْنُسُونَ الزِّبْلَ عَنِ الصَّخْرَةِ حَتَّى ظَهَرَتْ كُلُّهَا، وَمَضَى عُمَرُ إِلَى جِهَة محراب دَاوُود فَصَلَّى فِيهِ، ثُمَّ ارْتَحَلَ مِنْ بَلَدِ الْقُدْسِ إِلَى فِلَسْطِينَ.
وَلَمْ يَبْنِ هُنَالِكَ مَسْجِدًا إِلَى أَنْ كَانَ فِي زَمَنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ أَمَرَ بِابْتِدَاءِ بِنَاءِ الْقُبَّةِ عَلَى الصَّخْرَةِ وَعِمَارَةِ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى. وَوَكَّلَ عَلَى بِنَائِهَا رَجَاءَ بْنَ حَيْوَةَ الْكَنَدِيَّ أَحَدَ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ، فَابْتَدَأَ ذَلِكَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَكَانَ الْفَرَاغُ مِنْ ذَلِكَ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ.
كَانَ عُمَرُ أَوَّلَ مَنْ صَلَّى فِيهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَجَعَلَ لَهُ حُرْمَةَ الْمَسَاجِدِ.
وَلِهَذَا فَتَسْمِيَةُ ذَلِكَ الْمَكَانِ بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى فِي الْقُرْآنِ تَسْمِيَةٌ قُرْآنِيَّةٌ اعْتُبِرَ فِيهَا مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ قَبْلُ لِأَنَّ، حُكْمَ الْمَسْجِدِيَّةِ لَا يَنْقَطِعُ عَنْ أَرْضِ الْمَسْجِدِ. فَالتَّسْمِيَةُ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ، وَهِيَ إِشَارَةٌ خَفِيَّةٌ إِلَى أَنَّهُ سَيَكُونُ مَسْجِدًا بِأَكْمَلِ حَقِيقَةِ الْمَسَاجِدِ.
وَاسْتَقْبَلَهُ الْمُسْلِمُونَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ وَقْتِ وُجُوبِهَا الْمُقَارِنِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ إِلَى مَا بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِسِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا. ثُمَّ نُسِخَ اسْتِقْبَالُهُ وَصَارَتِ الْكَعْبَةُ هِيَ الْقِبْلَةَ الْإِسْلَامِيَّةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute