للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْمَعْنَى: أَجْمِعْ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَسَائِلَ الْفِتْنَةِ وَالْوَسْوَسَةِ لِإِضْلَالِهِمْ. فَجُعِلَتْ وَسَائِلُ الْوَسْوَسَةِ بِتَزْيِينِ الْمَفَاسِدِ وَتَفْظِيعِ الْمَصَالِحِ كَاخْتِلَافِ أَصْنَافِ الْجَيْشِ، فَهَذَا تَمْثِيلُ حَالِ الشَّيْطَانِ وَحَالِ مُتَّبِعِيهِ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ بِحَالِ مَنْ يَغْزُو قَوْمًا بِجَيْشٍ عَظِيمٍ مِنْ فُرْسَانٍ وَرَجَّالَةٍ.

وَقَرَأَ حَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ وَرَجِلِكَ- بِكَسْرِ الْجِيمِ-، وَهُوَ لُغَةٌ فِي رَجُلٍ مَضْمُومِ الْجِيمِ، وَهُوَ الْوَاحِدُ مِنَ الرِّجَالِ. وَالْمُرَادُ الْجِنْسُ. وَالْمَعْنَى: بِخَيْلِكَ وَرِجَالِكَ، أَيِ الْفُرْسَانِ وَالْمُشَاةِ.

وَالْبَاءُ فِي بِخَيْلِكَ إِمَّا لِتَأْكِيدِ لُصُوقِ الْفِعْلِ لِمَفْعُولِهِ فَهِيَ لِمُجَرَّدِ التَّأْكِيدِ. وَمَجْرُورُهَا مَفْعُولٌ فِي الْمَعْنَى لِفِعْلِ أَجْلِبْ مثل وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ [الْمَائِدَة: ٦] وَإِمَّا لِتَضْمِينِ فِعْلِ أَجْلِبْ مَعْنَى اغْزُهُمْ فَيَكُونُ الْفِعْلُ مُضَمَّنًا مَعْنَى الْفِعْلِ اللَّازِمِ وَتَكُونُ الْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ.

وَالْمُشَارَكَةُ فِي الْأَمْوَالِ: أَنْ يَكُونَ لِلشَّيْطَانِ نَصِيبٌ فِي أَمْوَالِهِمْ وَهِيَ أَنْعَامُهُمْ وَزُرُوعُهُمْ إِذْ سَوَّلَ لَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوا نَصِيبًا فِي النِّتَاجِ وَالْحَرْثِ لِلْأَصْنَامِ. وَهِيَ مِنْ مَصَارِفِ الشَّيْطَانِ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ هُوَ الْمُسَوِّلُ لِلنَّاسِ بِاتِّخَاذِهَا، قَالَ تَعَالَى: وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا [الْأَنْعَام: ١٣٦] .

وَأَمَّا مُشَارَكَةُ الْأَوْلَادِ فَهِيَ أَنْ يَكُونَ لِلشَّيْطَانِ نَصِيبٌ فِي أَحْوَالِ أَوْلَادِهِمْ مِثْلَ تَسْوِيلِهِ لَهُمْ أَنْ يَئِدُوا أَوْلَادَهُمْ وَأَنْ يَسْتَوْلِدُوهُمْ مِنَ الزِّنَى، وَأَنْ يُسَمُّوهُمْ بِعَبَدَةِ الْأَصْنَامِ، كَقَوْلِهِمْ:

عَبْدُ الْعُزَّى، وَعَبْدُ اللَّاتِ، وَزَيْدُ مَنَاةَ، وَيَكُونُ انْتِسَابُهُ إِلَى ذَلِكَ الصَّنَمِ.

وَمَعْنَى عِدْهُمْ أَعْطِهِمُ الْمَوَاعِيدَ بِحُصُولِ مَا يَرْغَبُونَهُ كَمَا يُسَوِّلُ لَهُمْ بِأَنَّهُمْ إِنْ جَعَلُوا أَوْلَادَهُمْ لِلْأَصْنَامِ سَلِمَ الْآبَاءُ مِنَ الثُّكْلِ وَالْأَوْلَادُ مِنَ الْأَمْرَاضِ، وَيُسَوِّلُ لَهُمْ أَنَّ الْأَصْنَامَ تَشْفَعُ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا وَتَضْمَنُ لَهُمُ