للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْخَسْفُ: انْقِلَابُ ظَاهِرِ الْأَرْضِ فِي بَاطِنِهَا مِنَ الزِّلْزَالِ. وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ فِي سُورَةِ النَّحْلِ [٤٥] .

وَفِي هَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ السَّلَامَةَ فِي الْبَرِّ نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ تَنْسَوْنَهَا فَلَوْ حَدَثَ لَكُمْ خَسْفٌ لَهَلَكْتُمْ هَلَاكًا لَا نَجَاةَ لَكُمْ مِنْهُ بِخِلَافِ هَوْلِ الْبَحْرِ. وَلَكِنْ لَمَّا كَانَتِ السَّلَامَةُ فِي الْبَرِّ غَيْرُ مُدْرَكٍ قَدْرُهَا قَلَّ أَنْ تَشْعُرَ النُّفُوسُ بِنِعْمَتِهَا وَتَشْعُرَ بِخَطَرِ هَوْلِ الْبَحْرِ فَيَنْبَغِي التَّدَرُّبُ عَلَى تَذَكُّرِ نِعْمَةِ السَّلَامَةِ مِنَ الضُّرِّ ثُمَّ إِنَّ مَحَلَّ السَّلَامَةِ مُعَرَّضٌ إِلَى الْأَخْطَارِ.

وَالِاسْتِفْهَامُ بِقَوْلِهِ: أَفَأَمِنْتُمْ إِنْكَارِي وَتَوْبِيخِي.

وَالْجَانِبُ: هُوَ الشِّقُّ. وَجَعْلُ الْبَرِّ جَانِبًا لِإِرَادَةِ الشِّقِّ الَّذِي يُنْجِيهِمْ إِلَيْهِ، وَهُوَ الشَّاطِئُ الَّذِي يَرْسُونَ عَلَيْهِ، إِشَارَةً إِلَى إِمْكَانِ حُصُولِ الْخَوْفِ لَهُمْ بِمُجَرَّدِ حُلُولِهِمْ بِالْبَرِّ بِحَيْثُ يَخْسِفُ بِهِمْ ذَلِكَ الشَّاطِئَ، أَيْ أَنَّ الْبَرَّ وَالْبَحْرَ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى سِيَّانِ، فَعَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَسْتَوِيَ خَوْفُهُ مِنَ اللَّهِ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ. وَإِضَافَةُ الْجَانِبِ إِلَى الْبِرِّ إِضَافَةٌ بَيَانِيَّةٌ.

وَالْبَاءُ فِي يَخْسِفَ بِكُمْ لِتَعْدِيَةِ يَخْسِفَ بِمَعْنَى الْمُصَاحَبَةِ.

وَالْحَاصِبُ: الرَّامِي بِالْحَصْبَاءِ، وَهِيَ الْحِجَارَةُ. يُقَالُ: حَصَبَهُ، وَهُوَ هُنَا صِفَةٌ، أَيْ يُرْسِلُ عَلَيْكُمْ عَارِضًا حَاصِبًا، تَشْبِيهًا لَهُ بِالَّذِي يَرْمِي الْحَصْبَاءَ، أَيْ مَطَرَ حِجَارَةٍ، أَيْ بَرَدٌ يُشْبِهُ الْحِجَارَةَ، وَقِيلَ: الْحَاصِبُ هُنَا بِمَعْنَى ذِي الْحَصْبَاءِ، فَصُوغَ اسْمُ فَاعِلٍ لَهُ مِنْ بَابِ فَاعِلٍ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى النَّسَبِ مِثْلُ لِابْنٍ وَتَامِرٍ.

وَالْوَكِيلُ: الْمُوَكَّلُ إِلَيْهِ الْقِيَامُ بِمُهِمِّ مُوَكِّلِهِ، وَالْمُدَافِعُ عَنْ حَقِّ مُوَكِّلِهِ، أَيْ لَا تَجِدُوا لِأَنْفُسِكُمْ مَنْ يُجَادِلُنَا عَنْكُمْ أَوْ يُطَالِبُنَا بِمَا أَلْحَقْنَاهُ بِكُمْ مِنَ الْخَسْفِ أَوِ الْإِهْلَاكِ بِالْحَاصِبِ، أَيْ لَا تَجِدُوا مِنْ قَوْمِكُمْ وَأَوْلِيَائِكُمْ مَنْ يَثْأَرُ لَكُمْ