وَالْوَرِقُ- بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الرَّاءِ: الْفِضَّةُ. وَكَذَلِكَ قَرَأَهُ الْجُمْهُورُ. وَيُقَالُ وَرْقٌ- بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الرَّاءِ- وَبِذَلِكَ قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَحَمْزَةُ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ وَرَوْحٌ عَنْ يَعْقُوبَ وَخَلَفٌ. وَالْمُرَادُ بِالْوَرِقِ هُنَا الْقِطْعَةُ الْمَسْكُوكَةُ مِنَ الْفِضَّةِ، وَهِيَ الدَّرَاهِمُ قِيلَ: كَانَتْ مِنْ دَرَاهِمِ (دِقْيُوسْ) سُلْطَانِ الرّوم.
وَالْإِشَارَة بِهَذِهِ إِلَى دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةٍ عِنْدَهُمْ، وَالْمَدِينَةُ هِيَ (أَبْسُسْ) - بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ-.
وَقَدْ قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا فِي صَدْرِ الْقِصَّة.
وأَيُّها مَا صدقه أَيُّ مَكَانٍ مِنَ الْمَدِينَةِ، لِأَنَّ الْمَدِينَةَ كُلٌّ لَهُ أَجْزَاءٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا دَكَاكِينُ الْبَاعَةِ، أَيْ فَلْيَنْظُرْ أَيَّ مَكَانٍ مِنْهَا هُوَ أَزْكَى طَعَامًا، أَيْ أَزْكَى طَعَامُهُ مِنْ طَعَام غَيره.
وانتصب طَعاماً عَلَى التَّمْيِيزِ لِنِسْبَةِ (أَزْكَى) إِلَى (أَيُّ) .
وَالْأَزْكَى: الْأَطْيَبُ وَالْأَحْسَنُ، لِأَنَّ الزَّكْوَ الزِّيَادَةُ فِي الْخَيْرِ وَالنَّفْعِ.
وَالرِّزْقُ: الْقُوتُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: قالَ لَا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ فِي سُورَةِ يُوسُفَ [٣٧] ، وَالْفَاءُ لِتَفْرِيعِ أَمْرِهِمْ مَنْ يَبْعَثُونَهُ بِأَنْ يَأْتِيَ بِطَعَامٍ زَكِيٍّ وَبِأَنْ يَتَلَطَّفَ.
وَصِيغَةُ الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ: فَلْيَأْتِكُمْ ولْيَتَلَطَّفْ أَمْرٌ لِأَحَدٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ سَيُوَكِّلُونَهُ، أَيْ إِنْ تَبْعَثُوهُ يَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ مُعَيَّنًا بَيْنَهُمْ وَإِنَّمَا الْإِجْمَال فِي حِكَايَة
كَلَامِهِمْ لَا فِي الْكَلَامِ الْمَحْكِيِّ. وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ فَهُمْ مَأْمُورُونَ بِأَنْ يُوصُوهُ بِذَلِكَ.
قِيلَ التَّاءُ مِنْ كَلِمَةٍ وَلْيَتَلَطَّفْ هِيَ نِصْفُ حُرُوفِ الْقُرْآنِ عَدًّا. وَهُنَالِكَ قَوْلٌ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَطِيَّةَ هُوَ أَنَّ النُّونَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً [الْكَهْف: ٧٤] هِيَ نِصْفُ حُرُوفِ الْقُرْآنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute