للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَ (مَا) مِنْ قَوْلِهِ: مَا شاءَ اللَّهُ أَحْسَنُ مَا قَالُوا فِيهَا إِنَّهَا مَوْصُولَةٌ، وَهِيَ خَبَرٌ عَنْ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ مُلَابَسَةُ حَالِ دُخُولِ الْجَنَّةِ، أَيْ هَذِهِ الْجَنَّةُ مَا شَاءَ اللَّهُ، أَيِ الْأَمْرُ الَّذِي شَاءَ اللَّهُ إِعْطَاءَهُ إِيَّايَ.

وَأَحْسَنُ مِنْهُ عِنْدِي: أَنْ تَكُونَ (مَا) نَكِرَةً مَوْصُوفَةً. وَالتَّقْدِيرُ: هَذِهِ شَيْءٌ شَاءَ اللَّهُ، أَيْ لِي.

وَجُمْلَةُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ تَعْلِيلٌ لِكَوْنِ تِلْكَ الْجَنَّةِ مِنْ مَشِيئَةِ اللَّهِ، أَيْ لَا قُوَّةَ لِي عَلَى إِنْشَائِهَا، أَوْ لَا قُوَّةَ لِمَنْ أَنْشَأَهَا إِلَّا بِاللَّهِ، فَإِنَّ الْقُوَى كُلَّهَا مَوْهِبَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لَا تُؤَثِّرُ إِلَّا بِإِعَانَتِهِ بِسَلَامَةِ الْأَسْبَابِ وَالْآلَاتِ الْمُفَكِّرَةِ وَالصَّانِعَةِ. فَمَا فِي جُمْلَةِ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ مِنَ الْعُمُومِ جَعَلَهَا كَالْعِلَّةِ وَالدَّلِيلِ لِكَوْنِ تِلْكَ الْجَنَّةِ جُزْئِيًّا من جزئيات منشئات الْقُوَى الْبَشَرِيَّةِ الْمَوْهُوبَةِ لِلنَّاسِ بِفَضْلِ الله.

إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَداً فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً (٤٠) أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً (٤١) .

جُمْلَةٌ ابْتِدَائِيَّةٌ رَجَعَ بِهَا إِلَى مُجَاوَبَةِ صَاحِبِهِ عَنْ قَوْلِهِ: أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَراً [الْكَهْف: ٣٤] ، وَعَظَهُ فِيهَا بِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَنْ تَصِيرَ كَثْرَةُ مَالِهِ إِلَى قِلَّةٍ أَوْ إِلَى اضْمِحْلَالٍ، وَأَنْ يَصِيرَ الْقَلِيلُ مَالُهُ ذَا مَالٍ كَثِيرٍ.

وَحُذِفَتْ يَاءُ الْمُتَكَلِّمِ بَعْدَ نُونِ الْوِقَايَةِ تَخْفِيفًا وَهُوَ كَثِيرٌ.

وَ (أَنَا) ضَمِيرُ فَصْلٍ، فَلِذَلِكَ كَانَ أَقَلَّ مَنْصُوبًا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ لِ تَرَنِ وَلَا اعْتِدَادَ بِالضَّمِيرِ. وَ (عَسَى) لِلرَّجَاءِ، وَهُوَ طَلَبُ الْأَمْرِ الْقَرِيبِ الْحُصُولِ. وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ الدُّعَاءَ لِنَفْسِهِ وَعَلَى صَاحِبِهِ.