للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَتَجْرِيدُ اسْمِ الْإِشَارَةِ مِنْ هَاءِ التَّنْبِيهِ اسْتِعْمَالٌ جَائِزٌ وَأَقَلُّ مِنْهُ اسْتِعْمَالُهُ بِحَرْفِ التَّنْبِيهِ مَعَ الضَّمِيرِ دُونَ اسْمِ الْإِشَارَةِ، نَحْوَ قَوْلِ عَبْدِ بَنِي الْحَسْحَاسِ:

هَا أَنَا دُونَ الْحَبِيبِ يَا وَجَعُ وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ [١١٩] .

وَإِسْنَادُ الْفِتَنِ إِلَى اللَّهِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مُقَدِّرُهُ وَخَالِقُ أَسْبَابِهِ الْبَعِيدَةِ. وَأَمَّا إِسْنَادُهُ الْحَقِيقِيُّ فَهُوَ الَّذِي فِي قَوْلِهِ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ لِأَنَّهُ السَّبَبُ الْمُبَاشِرُ لِضَلَالِهِمُ الْمُسَبِّبِ لِفِتْنَتِهِمْ.

والسَّامِرِيُّ يَظْهَرُ أَنَّ يَاءَهُ يَاءُ نِسْبَةٍ، وَأَنَّ تَعْرِيفَهُ بِاللَّامِ لِلْعَهْدِ. فَأَمَّا النِّسْبَةُ فَأَصْلُهَا فِي الْكَلَامِ الْعَرَبِيِّ أَنْ تَكُونَ إِلَى الْقَبَائِلِ وَالْعَشَائِرِ فَالسَّامِرِيُّ نُسِبَ إِلَى اسْمِ أَبِي قَبِيلَةٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَوْ غَيْرِهِمْ يُقَارِبُ اسْمُهُ لَفْظَ سَامِرَ، وَقَدْ كَانَ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْقَدِيمَةِ (شُومَرَ) وَ (شَامِرَ) وَهُمَا يُقَارِبَانِ اسْمَ سَامِرَ لَا سِيَّمَا مَعَ التَّعْرِيبِ. وَفِي «أَنْوَارِ التَّنْزِيلِ» : «السَّامِرِيُّ نِسْبَةٌ إِلَى قَبِيلَةٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يُقَالُ لَهَا: السَّامِرَةُ» اه. أَخَذْنَا مِنْ كَلَامِ الْبَيْضَاوِيِّ أَنَّ السَّامِرِيَّ مَنْسُوبٌ إِلَى قَبِيلَةٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ «مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ» فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ. لِأَنَّ السَّامِرَةَ أُمَّةٌ مِنْ سُكَّانِ فِلَسْطِينَ فِي جِهَةِ نَابُلُسَ فِي عَهْدِ الدَّوْلَةِ الرُّومِيَّةِ (الْبِيزَنْطِيَّةِ) وَكَانُوا فِي فِلَسْطِينَ قَبْلَ مَصِيرِ فِلَسْطِينَ بِيَدِ بَنِي إِسْرَائِيلَ ثُمَّ امْتَزَجُوا بِالْإِسْرَائِيلِيِّينَ وَاتَّبَعُوا شَرِيعَةَ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- مَعَ تَخَالُفٍ فِي طَرِيقَتِهِمْ عَنْ طَرِيقَةِ الْيَهُودِ. فَلَيْسَ هُوَ مَنْسُوبًا إِلَى مَدِينَةِ السَّامِرَةِ الْقَرِيبَةِ مِنْ نَابُلُسَ لِأَنَّ مَدِينَةَ السَّامِرَةِ بَنَاهَا الْمَلِكُ (عَمْرِي) مَلِكُ مَمْلَكَةِ إِسْرَائِيلَ سَنَةَ ٩٢٥ قَبْلَ الْمَسِيحِ. وَجَعَلَهَا قَصَبَةَ مَمْلَكَتِهِ، وَسَمَّاهَا (شُومِيرُونَ) لِأَنَّهُ بَنَاهَا عَلَى جَبَلٍ اشْتَرَاهُ مِنْ رَجُلٍ اسْمُهُ (شَامِرَ) بِوَزْنَتَيْنِ مِنَ الْفِضَّةِ، فَعُرِّبَتْ