فِي الْعَرَبِيَّةِ إِلَى سَامِرَةَ، وَكَانَ الْيَهُودُ يَعُدُّونَهَا مَدِينَةَ كُفْرٍ وَجَوْرٍ، لِأَنَّ (عَمْرِي) بَانِيهَا وَابْنَهُ (آخاب) قد أفسدا دِيَانَةَ التَّوْرَاةِ وَعَبَدَا الْأَصْنَامَ الْكَنْعَانِيَّةَ. وَأَمَرَ اللَّهُ النَّبِيءَ إِلْيَاسَ بِتَوْبِيخِهِمَا وَالتَّثْوِيرِ عَلَيْهِمَا، فَلَا جَرَمَ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً زَمَنَ مُوسَى وَلَا كَانَتْ نَاحِيَتُهَا مِنْ أَرْضِ بَنِي إِسْرَائِيلَ زَمَنَ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ-.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ السَّامِرِيُّ نَسَبًا إِلَى قَرْيَةٍ اسْمُهَا السَّامِرَةُ مِنْ قُرَى مِصْرَ، كَمَا قَالَ بَعْضُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ، فَيَكُونُ فَتًى قِبْطِيًّا انْدَسَّ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ لِتَعَلُّقِهِ بِهِمْ فِي مِصْرَ أَوْ لِصِنَاعَةٍ يَصْنَعُهَا لَهُمْ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: كَانَ السَّامِرِيُّ مِنْ أَهْلِ (كِرْمَانَ) ، وَهَذَا يَقْرُبُ أَنْ يَكُونَ السَّامِرِيُّ تَعْرِيبَ كِرْمَانِيٍّ بِتَبْدِيلِ بَعْضِ الْحُرُوفِ وَذَلِكَ كَثِيرٌ فِي التَّعْرِيبِ.
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْيَاءُ مِنَ السَّامِرِيِّ غَيْرَ يَاءِ نَسَبٍ بَلْ حَرْفًا مِنِ اسْمٍ مِثْلَ: يَاءُ عَلِيٍّ وَكُرْسِيٍّ، فَيَكُونُ اسْمًا أَصْلِيًّا أَوْ مَنْقُولًا فِي الْعَبْرَانِيَّةِ، وَتَكُونُ اللَّامُ فِي أَوَّلِهِ زَائِدَةً.
وَذَكَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَالْقُرْطُبِيُّ خَلِيطًا مِنَ الْقِصَّةِ: أَنَّ السَّامِرِيَّ اسْمُهُ مُوسَى بْنُ ظَفَرٍ- بِفَتْحِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ- وَأَنَّهُ ابْنُ خَالَةِ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- أَوِ ابْنُ خَالِهِ، وَأَنَّهُ كَفَرَ بِدِينِ مُوسَى بَعْدَ أَنْ كَانَ مُؤْمِنًا بِهِ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ على بعض تفاصيل تَشْمَئِزُّ النَّفْسُ مِنْهَا.
وَاعْلَمْ أَنَّ السَّامِرِيِّينَ لَقَبٌ لِطَائِفَةٍ مِنَ الْيَهُودِ يُقَالُ لَهُمْ أَيْضًا السَّامِرَةُ، لَهُمْ مَذْهَبٌ خَاصٌّ مُخَالِفٌ لِمَذْهَبِ جَمَاعَةِ الْيَهُودِيَّةِ فِي أُصُولِ الدِّينِ، فَهُمْ لَا يُعَظِّمُونَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَيُنْكِرُونَ نُبُوءَةَ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَدَا مُوسَى وَهَارُونَ وَيُوشَعَ، وَمَا كَانَتْ هَذِهِ الشُّذُوذَاتِ فِيهِمْ إِلَّا مِنْ بَقَايَا تَعَالِيمِ الْإِلْحَادِ الَّتِي كَانُوا يَتَلَقَّوْنَهَا فِي مَدِينَةِ السَّامِرَةِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى التَّسَاهُلِ وَالِاسْتِخْفَافِ بِأُصُولِ الدِّينِ وَالتَّرَخُّصِ فِي تَعْظِيمِ آلِهَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute