للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْأَوْقَاتُ الْمَذْكُورَةُ هِيَ أَوْقَات الصَّلَوَات، وَهِي وَقْتُ الصُّبْحِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَوَقْتَانِ قَبْلَ غُرُوبِهَا وَهُمَا الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ، وَقِيلَ الْمُرَادُ صَلَاةُ الْعَصْرِ. وَأَمَّا الظُّهْرُ فَهِيَ قَوْلُهُ: وَأَطْرافَ النَّهارِ كَمَا سَيَأْتِي.

ومِنْ فِي قَوْلِهِ مِنْ آناءِ اللَّيْلِ ابْتِدَائِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِفِعْلِ (فَسَبِّحْ) . وَذَلِكَ وَقْتَا الْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ. وَهَذَا كُلُّهُ مِنَ الْمُجْمَلِ الَّذِي بَيَّنَتْهُ السُّنَّةُ الْمُتَوَاتِرَةُ.

وَأُدْخِلَتِ الْفَاءُ عَلَى فَسَبِّحْ لِأَنَّهُ لَمَّا قُدِّمَ عَلَيْهِ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ لِلِاهْتِمَامِ شَابَهَ تَقْدِيمَ أَسْمَاءِ الشَّرْطِ الْمُفِيدَةِ مَعْنَى الزَّمَانِ، فَعُومِلَ الْفِعْلُ مُعَامَلَةَ جَوَابِ الشَّرْطِ

كَقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ»

، أَيِ الْأَبَوَيْنِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ [٧٩] .

وَوَجْهُ الِاهْتِمَامِ بِآنَاءِ اللَّيْلِ أَنَّ اللَّيْلَ وَقْتٌ تَمِيلُ فِيهِ النُّفُوسُ إِلَى الدَّعَةِ فَيُخْشَى أَنْ تَتَسَاهَلَ فِي أَدَاءِ الصَّلَاةِ فِيهِ.

وَآنَاءِ اللَّيْلِ: سَاعَاتُهُ. وَهُوَ جَمْعُ إِنْيٌ- بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَيَاءٍ فِي آخِرِهِ.

وَيُقَالُ: إِنْوٌ- بِوَاوٍ فِي آخِرِهِ. وَيُقَالُ: إِنًى- بِأَلْفٍ فِي آخِرِهِ مَقْصُورًا- وَيُقَالُ: أَنَاءٌ- بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ فِي أَوَّلِهِ وَبِمَدٍّ فِي آخِرِهِ- وَجَمْعُ ذَلِكَ عَلَى آنَاءٍ بِوَزْنِ أَفْعَالٍ.

وَقَوْلُهُ وَأَطْرافَ النَّهارِ بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَطَرَفُ الشَّيْءِ مُنْتَهَاهُ. قِيلَ: الْمُرَادُ أَوَّلُ النَّهَارِ وَآخِرُهُ، وَهُمَا وَقْتَا الصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ، فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْبَعْضِ عَلَى الْكُلِّ لِلِاهْتِمَامِ بِالْبَعْضِ، كَقَوْلِهِ حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى [الْبَقَرَة: ٢٣٨] . وَقِيلَ: الْمُرَادُ طَرَفُ سَيْرِ الشَّمْسِ فِي قَوْسِ الْأُفُقِ، وَهُوَ بُلُوغُ سَيْرِهَا وَسَطَ الْأُفُقِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالزَّوَالِ، وَهُمَا طَرَفَانِ طَرَفُ النِّهَايَةِ وَطَرَفُ الزَّوَالِ، وَهُوَ