الْحُسْنَى» الْمُتَوَفَّى فِي أَوَاخِرِ الْقَرْنِ الثَّانِي عَشَرَ الَّذِي دَخَلَ تُونُسَ عَامَ ١١٨٥ هـ فِي مُقَدِّمَاتِ كِتَابِهِ «مَعَارِجِ النُّورِ» وَفِي رِسَالَةٍ لَهُ سَمَّاهَا «رِسَالَةَ الْفَتْقِ وَالرَّتْقِ» .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْآيَةَ تَشْمَلُ جَمِيعَ مَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ مَعَانِي الرَّتْقِ وَالْفَتْقِ إِذْ لَا مَانِعَ مِنِ اعْتِبَارِ مَعْنًى عَامٍّ يَجْمَعُهَا جَمِيعًا، فَتَكُونُ الْآيَةُ قَدِ اشْتَمَلَتْ عَلَى عِبْرَةٍ تَعُمُّ كل النَّاس وكل عِبْرَةٍ خَاصَّةٍ بِأَهْلِ النَّظَرِ وَالْعِلْمِ فَتَكُونُ مِنْ مُعْجِزَاتِ الْقُرْآنِ الْعِلْمِيَّةِ الَّتِي أَشَرْنَا إِلَيْهَا فِي مُقَدِّمَاتِ هَذَا التَّفْسِيرِ.
وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ زِيَادَةُ اسْتِدْلَالٍ بِمَا هُوَ أَظْهَرُ لِرُؤْيَةِ الْأَبْصَارِ وَفِيهِ عِبْرَةٌ لِلنَّاسِ فِي أَكْثَرِ أَحْوَالِهِ. وَهُوَ عِبْرَةٌ لِلْمُتَأَمِّلِينَ فِي دَقَائِقِهِ فِي تَكْوِينِ الْحَيَوَانِ مِنَ الرُّطُوبَاتِ. وَهِيَ تَكْوِينُ التَّنَاسُلِ وَتَكْوِينُ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ فَإِنَّهُ لَا يَتَكَوَّنُ إِلَّا مِنَ الرُّطُوبَةِ وَلَا يَعِيشُ إِلَّا مُلَابِسًا لَهَا فَإِذَا انْعَدَمَتْ مِنْهُ الرُّطُوبَةُ فَقَدَ الْحَيَاةَ، وَلِذَلِكَ كَانَ اسْتِمْرَارُ الْحُمَّى مُفْضِيًا إِلَى الْهُزَالِ ثُمَّ إِلَى الْمَوْتِ.
وَجعل هُنَا بِمَعْنَى خَلَقَ، مُتَعَدِّيَةٌ إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُرَادٍ مِنْهَا التَّحَوُّلُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ.
ومِنَ الْماءِ مُتَعَلِّقٌ بِ جَعَلْنا. وَ (مِنْ) ابْتِدَائِيَّةٌ. وَفُرِّعَ عَلَيْهِ أَفَلا يُؤْمِنُونَ إِنْكَارًا عَلَيْهِمْ عَدَمَ إِيمَانِهِمُ الْإِيمَانَ الَّذِي دَعَاهُمْ إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الْإِيمَانُ بوحدانية الله.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute