النُّطْقِ بِهَا فِي اللَّفْظِ، أَيْ كَمَا حَذَفُوا نُونَ (إِنْ) مَعَ (لَا) فِي نَحْو «إِلَّا فَعَلُوهُ» مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا تُدْغَمُ فِي اللَّامِ.
وَقَرَأَ جُمْهُورُ الْقُرَّاءِ بِإِثْبَاتِ النُّونَيْنِ فِي النُّطْقِ فَيَكُونُ حَذْفُ إِحْدَى النُّونَيْنِ فِي الْخَطِّ مُجَرَّدَ تَنْبِيهٍ عَلَى اعْتِبَارٍ مِنِ اعْتِبَارَاتِ الْأَدَاءِ. وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ- بِنُونٍ وَاحِدَةٍ وَبِتَشْدِيدِ الْجِيمِ- عَلَى اعْتِبَارِ إِدْغَامِ النُّونِ فِي الْجِيمِ كَمَا تُدْغَمُ فِي اللَّامِ وَالرَّاءِ.
وَأنكر ذَلِك عَلَيْهِمَا أَبُو حَاتِمٍ وَالزَّجَّاجُ وَقَالَا: هُوَ لَحْنٌ. وَوَجَّهَ أَبُو عُبَيْدٍ وَالْفراء وثعلب قراءتهما بِأَن نُنْجِي سُكِّنَتْ يَاؤُهُ وَلَمْ تُحَرَّكْ عَلَى لُغَةِ مَنْ يَقُولُ بَقِي وَرَضِي فَيُسَكِّنُ الْيَاءَ كَمَا فِي قِرَاءَةِ الْحَسَنِ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا [الْبَقَرَة: ٢٧٨] بِتَسْكِينِ يَاءِ بَقِيَ. وَعَنْ أَبِي عُبَيْدٍ وَالْقُتَبِيِّ أَنَّ النُّونَ الثَّانِيَةَ أُدْغِمَتْ فِي الْجِيمِ.
وَوَجَّهَ ابْنُ جِنِّي مُتَابِعًا لِلْأَخْفَشِ الصَّغِيرِ بِأَنَّ أَصْلَ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ: نُنَجِّي- بِفَتْحِ النُّونِ الثَّانِيَةِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ- فَحُذِفَتِ النُّونُ الثَّانِيَةُ لِتَوَالِي الْمِثْلَيْنِ فَصَارَ نُجِّيَ. وَعَنْ بَعْضِ النُّحَاةِ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ بِأَنَّ نُجِّيَ فِعْلُ مُضِيٍّ مَبْنِيٌّ لِلنَّائِبِ وَأَنَّ نَائِبَ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ يَعُودُ إِلَى النِّجَاءِ الْمَأْخُوذِ مِنَ الْفِعْلِ، أَوِ الْمَأْخُوذِ مِنِ اسْمِ الْإِشَارَةِ فِي قَوْلِهِ وَكَذلِكَ.
وَانْتَصَبَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ عَلَى رَأْيِ مَنْ يُجَوِّزُ إِنَابَةَ الْمَصْدَرِ مَعَ وُجُودِ الْمَفْعُولِ بِهِ. كَمَا فِي قِرَاءَةِ أَبِي جَعْفَرٍ لِيَجْزِيَ- بِفَتْحِ الزَّايِ- قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ [الجاثية: ١٤] بِتَقْدِيرِ لِيُجْزَى الْجَزَاءَ قَوْمًا. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي «الْكَشَّافِ» : إِنَّ هَذَا التَّوْجِيهَ بَارِدُ التَّعَسُّفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute