للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَشْهَرُهَا نِحْلَةُ (زَرَادَشْت) الَّذِي ظَهَرَ فِي الْقَرْنِ السَّادِسِ قَبْلَ مِيلَادِ الْمَسِيحِ، وَبِهِ اشْتُهِرَتِ الْمَجُوسِيَّةُ. وَقَدْ سَمَّى إِلَهَ الْخَيْرِ (أَهُورَا مُزْدَا) أَوْ (أَرْمُزْد) أَوْ (هُرْمُزَ) ، وَسَمَّى إِلَهَ الشَّرِّ (أَهْرُمُن) ، وَجَعَلَ إِلَهَ الْخَيْرِ نُورًا، وَإِلَهَ الشَّرِّ ظُلْمَةً. ثُمَّ دَعَا النَّاسَ إِلَى عِبَادَةِ النَّارِ عَلَى أَنَّهَا مَظْهَرُ إِلَهِ الْخَيْرِ وَهُوَ النُّورُ.

وَوَسَّعَ شَرِيعَةَ الْمَجُوسِيَّةِ، وَوَضَعَ لَهَا كِتَابًا سَمَّاهُ «زَنْدَافِسْتَا» . وَمِنْ أُصُولِ شَرِيعَتِهِ تَجَنُّبُ عِبَادَةِ التَّمَاثِيلِ.

ثُمَّ ظَهَرَتْ فِي الْمَجُوسِ نِحْلَةُ «الْمَانَوِيَّةِ» ، وَهِيَ الْمَنْسُوبَةُ إِلَى (مَانِي) الَّذِي ظَهَرَ فِي زَمَنِ سَابُور بْنِ أَرْدِشِير مَلِكِ الْفُرْسِ بَيْنَ سَنَةِ ٢٣٨ وَسَنَةِ ٢٧١ م.

وَظَهَرَتْ فِي الْمَجُوسِ نِحْلَةُ (الْمَزْدَكِيَّةِ) ، وَهِيَ مَنْسُوبَةٌ إِلَى (مَزْدَك) الَّذِي ظَهَرَ فِي زَمَنِ قُبَاذ بَيْنَ سَنَةِ ٤٨٧ وَسَنَةِ ٥٢٣ م. وَهِيَ نِحْلَةٌ قَرِيبَةٌ مِنَ (الْمَانَوِيَّةِ) ، وَهِيَ آخِرُ نِحْلَةٍ ظَهَرَتْ فِي تَطَوُّرِ الْمَجُوسِيَّةِ قَبْلَ الْفَتْحِ الْإِسْلَامِيِّ لِبِلَادِ الْفُرْسِ.

وَلِلْمَجُوسِيَّةِ شِبْهٌ فِي الْأَصْلِ بِالْإِشْرَاكِ إِلَّا أَنَّهَا تُخَالِفُهُ بِمَنْعِ عِبَادَةِ الْأَحْجَارِ، وَبَأَنَّ لَهَا كِتَابًا، فَأَشْبَهُوا بِذَلِكَ أَهْلَ الْكِتَابِ. وَلِذَلِكَ

قَالَ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ: «سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ»

أَيْ فِي الِاكْتِفَاءِ بِأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ دُونَ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْإِسْلَامِ كَمَا يُكْرَهُ الْمُشْرِكُونَ عَلَى الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ فِي [سُورَةِ النَّحْلِ: ٥١] .

وَأُعِيدَتْ (إِنَّ) فِي صَدْرَ الْجُمْلَةِ الْوَاقِعَةِ خَبَرًا عَنِ اسْمِ (إِنَّ) الْأُولَى تَوْكِيدًا لَفْظِيًّا لِلْخَبَرِ لِطُولِ الْفَصْلِ بَيْنَ اسْمِ (إِنَّ) وَخَبَرِهَا. وَكَوْنِ