الْأَنْعَامِ [٤٢] . وَالْقَوْلُ فِي جُمْلَةِ حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَابًا كَالْقَوْلِ فِي حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ [الْمُؤْمِنُونَ: ٦٤] .
وَ (إِذَا) مِنْ قَوْلِهِ حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَابًا مِثْلُ (إِذَا) الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي قَوْلِهِ حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ إِلَخْ.
وَفَتْحُ الْبَابِ تَمْثِيلٌ لِمُفَاجَأَتِهِمْ بِالْعَذَابِ بَعْدَ أَنْ كَانَ مَحْجُوزًا عَنْهُ حَسَبَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ [الْأَنْفَال: ٣٣] . وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا التَّمْثِيلِ قَوْلُهُ تَعَالَى وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها [الْأَحْزَاب: ١٤] .
شُبِّهَتْ هَيْئَةُ إِصَابَتِهِمْ بِالْعَذَابِ بَعْدَ أَنْ كَانُوا فِي سَلَامَةٍ وَعَافِيَةٍ بِهَيْئَةِ نَاسٍ فِي بَيْتٍ مُغْلَقٍ عَلَيْهِمْ فَفُتِحَ عَلَيْهِمْ بَابُ الْبَيْتِ مِنْ عَدُوٍّ مَكْرُوهٍ، أَوْ تَقُولُ: شُبِّهَتْ هَيْئَةُ تَسْلِيطِ الْعَذَابِ عَلَيْهِمْ بِهَيْئَةِ فَتْحِ بَابٍ اخْتُزِنَ فِيهِ الْعَذَابُ فَلَمَّا فُتِحَ الْبَابُ انْهَالَ الْعَذَابُ عَلَيْهِمْ. وَهَذَا كَمَا مُثِّلَ بِقَوْلِهِ: وَفارَ التَّنُّورُ [هود: ٤٠] وَقَوْلِهِمْ: طَفَحَتِ الْكَأْسُ بِأَعْمَالِ فُلَانٍ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى:
فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ [الذاريات: ٥٩] وَقَوْلِ عَلْقَمَةَ:
فَحَقٌّ لِشَاسٍ مِنْ نَدَاكَ ذَنُوبُ وَمِنْهُ قَوْلُ الْكُتَّابِ: فُتِحَ بَابُ كَذَا عَلَى مِصْرَاعَيْهِ، تَمْثِيلًا لِكَثْرَةِ ذَلِكَ وَأَفَاضَ عَلَيْهِ سِجِلًّا مِنَ الْإِحْسَانِ، وَقَوْلُ أَبِي تَمَّامٍ:
مِنْ شَاعِرٍ وَقَفَ الْكَلَامُ بِبَابِهِ ... وَاكْتَنَّ فِي كَنَفَيْ ذَرَاهُ الْمَنْطِقُ
وَوَصَفَ بَابًا بِكَوْنِهِ ذَا عَذابٍ شَدِيدٍ دُونَ أَنْ يُضَافَ بَابٌ إِلَى عَذَابٍ فَيُقَالُ:
بَابُ عَذَابٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ [الْفجْر: ١٣] لِأَنَّ ذَا عَذابٍ يُفِيدُ مِنْ شِدَّةِ انْتِسَابِ الْعَذَابِ إِلَى الْبَابِ مَا لَا تُفِيدُهُ إِضَافَةُ بَابٍ إِلَى عَذَابٍ، وَلِيَتَأَتَّى بِذَلِكَ وَصْفُ (عَذَابٍ) بِ (شَدِيدٍ) بِخِلَافِ قَوْلِهِ سَوْطَ عَذابٍ فَقَدِ اسْتُغْنِيَ عَنْ وَصْفِهِ بِ (شَدِيدٍ) بِأَنَّهُ مَعْمُولٌ لِفِعْلِ (صَبَّ) الدَّالِّ عَلَى الْوَفْرَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute