للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالظَّاهِرُ أَنَّ سُكُوتَ الْآيَةِ عَنِ الْعَمِّ وَالْخَالِ لَيْسَ لِمُخَالَفَةِ حُكْمِهِمَا حُكْمَ بَقِيَّةِ الْمَحَارِمِ وَلَكِنَّهُ اقْتِصَارٌ عَلَى الَّذِينَ تَكْثُرُ مُزَاوَلَتُهُمْ بَيْتَ الْمَرْأَةِ، فَالتَّعْدَادُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ. وَيَلْحَقُ بِهَؤُلَاءِ الْقَرَابَةِ مَنْ كَانَ فِي مَرَاتِبِهِمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ

لقَوْل النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ»

. وَجَزَمَ بِذَلِكَ الْحَسَنُ، وَلَمْ أَرَ فِيهِ قَوْلًا لِلْمَالِكِيَّةِ. وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ فِيهِمْ مِنَ الرُّخْصَةِ مَا فِي مَحَارِمِ النَّسَبِ وَالصِّهْرِ.

وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ.

الضَّرْبُ بِالْأَرْجُلِ إِيقَاعُ الْمَشْيِ بِشِدَّةٍ كَقَوْلِهِ: يَضْرِبُ فِي الْأَرْضِ.

رَوَى الطَّبَرِيُّ عَنْ حَضْرَمِيٍّ: أَنَّ امْرَأَةً اتَّخَذَتْ بُرَتَيْنِ (تَثْنِيَةُ بُرَةٍ بِضَمِّ الْبَاءِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ ضَرْبٌ مِنَ الْخَلْخَالِ) مِنْ فِضَّةٍ وَاتَّخَذَتْ جَزْعًا فِي رِجْلَيْهَا فَمَرَّتْ بِقَوْمٍ فَضَرَبَتْ بِرِجْلِهَا فَوَقَعَ الْخَلْخَالُ عَلَى الْجَزَعِ فَصَوَّتَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.

وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ مِنَ النِّسَاءِ مَنْ كُنَّ إِذَا لَبِسْنَ الْخَلْخَالَ ضَرَبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ فِي الْمَشْيِ بِشِدَّةٍ لِتُسْمَعَ قَعْقَعَةُ الْخَلَاخِلِ غَنَجًا وَتَبَاهِيًا بِالْحُسْنِ فَنَهَيْنَ عَنْ ذَلِكَ مَعَ النَّهْيِ عَنْ إِبْدَاءِ الزِّينَةِ.

قَالَ الزَّجَّاجُ: سَمَاعُ هَذِهِ الزِّينَةِ أَشَدُّ تَحْرِيكًا لِلشَّهْوَةِ مِنَ النَّظَرِ لِلزِّينَةِ فَأَمَّا صَوْتُ الْخَلْخَالِ الْمُعْتَادُ فَلَا ضَيْرَ فِيهِ.

وَفِي أَحَادِيثِ ابْنِ وَهْبٍ مِنْ «جَامِعِ الْعَتَبِيِّةِ» : سُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الَّذِي يَكُونُ فِي أَرْجُلِ

النِّسَاءِ مِنَ الْخَلَاخِلِ قَالَ: «مَا هَذَا الَّذِي جَاءَ فِيهِ الْحَدِيثُ وَتَرْكُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ» . قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي «شَرْحِهِ» : أَرَادَ أَنَّ الَّذِي يَحْرُمُ إِنَّمَا هُوَ أَنْ يَقْصِدْنَ فِي مَشْيِهِنَّ إِلَى إِسْمَاعِ قَعْقَعَةِ الْخَلَاخِلِ إِظْهَارًا بِهِنَّ مِنْ زِينَتِهِنَّ.

وَهَذَا يَقْتَضِي النَّهْيَ عَنْ كُلِّ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُذَكِّرَ الرَّجُلَ بِلَهْوِ النِّسَاءِ وَيُثِيرَ مِنْهُ إِلَيْهِنَّ مِنْ كُلِّ مَا يَرَى أَوْ يَسْمَعُ مِنْ زِينَةٍ أَوْ حَرَكَةٍ كَالتَّثَنِّي وَالْغِنَاءِ