وَكَلِمِ الْغَزَلِ. وَمِنْ ذَلِكَ رَقْصُ النِّسَاءِ فِي مَجَالِسِ الرِّجَالِ وَمِنْ ذَلِكَ التَّلَطُّخِ بِالطِّيبِ الَّذِي يَغْلُبُ عَبِيقُهُ. وَقَدْ أَوْمَأَ إِلَى عِلَّةِ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَلعن النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ.
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ آيَةٌ أَكْثَرَ ضَمَائِرَ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ جَمَعَتْ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ ضَمِيرًا لِلْمُؤْمِنَاتِ مِنْ مَخْفُوضٍ وَمَرْفُوعٍ وَسَمَّاهَا أَبُو بَكْرٍ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: آيَةَ الضَّمَائِرِ.
وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.
أُعْقِبَتِ الْأَوَامِرُ وَالنَّوَاهِي الْمُوَجَّهَةُ إِلَى الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات بِأَمْرِ جَمِيعِهِمْ بِالتَّوْبَةِ إِلَى اللَّهِ إِيمَاءً إِلَى أَنَّ فِيمَا أُمِرُوا بِهِ وَنُهُوا عَنْهُ دِفَاعًا لِدَاعٍ تَدْعُو إِلَيْهِ الْجِبِلَّةُ الْبَشَرِيَّةُ مِنَ الِاسْتِحْسَانِ وَالشَّهْوَةِ فَيَصْدُرُ ذَلِكَ عَنِ الْإِنْسَانِ عَنْ غَفْلَةٍ ثُمَّ يَتَغَلْغَلُ هُوَ فِيهِ فَأُمِرُوا بِالتَّوْبَةِ لِيُحَاسِبُوا أَنْفُسَهُمْ عَلَى مَا يُفْلِتُ مِنْهُمْ مَنْ ذَلِكَ اللَّمَمِ الْمُؤَدِّي إِلَى مَا هُوَ أَعْظَمُ.
وَالْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ [النُّور: ٣٠] . وَوَقَعَ الْتِفَاتٌ مِنْ خطاب الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خِطَابِ الْأُمَّةِ لِأَنَّ هَذَا تَذْكِيرٌ بِوَاجِبِ التَّوْبَةِ الْمُقَرَّرَةِ مِنْ قَبْلُ وَلَيْسَ اسْتِئْنَافَ تَشْرِيعٍ.
وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ: جَمِيعاً عَلَى أَنَّ الْمُخَاطَبِينَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ وَإِنْ كَانَ الْخِطَابُ وَرَدَ بِضَمِيرِ التَّذْكِيرِ عَلَى التَّغْلِيبِ، وَأَنْ يُؤَمِّلُوا الْفَلَاحَ إِنْ هُمْ تَابُوا وَأَنَابُوا.
وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى التَّوْبَةِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ [١٧] عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ.
وَكُتِبَ فِي الْمُصْحَفِ أَيُّهَ بَهَاءٍ فِي آخِرِهِ اعْتِبَارًا بِسُقُوطِ الْأَلْفِ فِي حَالِ الْوَصْلِ مَعَ كَلِمَةِ الْمُؤْمِنُونَ. فَقَرَأَهَا الْجُمْهُورُ بِفَتْحِ الْهَاءِ بِدُونِ أَلْفٍ فِي الْوَصْلِ. وَقَرَأَهَا أَبُو عَامِرٍ بِضَمِّ الْهَاءِ إِتْبَاعًا لِحَرَكَةِ (أَيْ) . وَوَقَفَ عَلَيْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute