للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنْفَعُ لِحَيَاةِ الشَّجَرَةِ وَطِيبِ ثَمَرَتِهَا، فَبِذَلِكَ يَكُونُ زَيْتُهَا أَجْوَدَ زَيْتٍ وَإِذَا كَانَ أَجْوَدَ كَانَ أَشَدَّ وَقُودًا وَلِذَلِكَ أُتْبِعَ بِجُمْلَةِ: يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَهِيَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ.

وَجُمْلَةُ: وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ زَيْتُها.

وَالزَّيْتُ: عُصَارَةُ حَبِّ الزَّيْتُونِ وَمَا يُشْبِهُهُ مِنْ كُلِّ عُصَارَةٍ دُهْنِيَّةٍ، مِثْلَ زَيْتِ السِّمْسِمِ

وَالْجُلْجُلَانِ. وَهُوَ غِذَاءٌ. وَلِذَلِكَ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي زَيْتِ الزَّيْتُونِ إِذَا كَانَ حَبُّهُ نِصَابًا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَكَذَلِكَ زَكَاةُ زَيْتِ الْجُلْجُلَانِ وَالسِّمْسِمِ.

ولَوْ وَصْلِيَّةٌ. وَالتَّقْدِيرُ: يَكَادُ يُضِيءُ فِي كُلِّ حَالٍ حَتَّى فِي حَالَةٍ لَمْ تَمْسَسْهُ فِيهَا نَارٌ.

وَهَذَا تَشْبِيهٌ بَالِغٌ كَمَالَ الْإِفْصَاحِ بِحَيْثُ هُوَ مَعَ أَنَّهُ تَشْبِيهُ هَيْئَةٍ بِهَيْئَةٍ هُوَ أَيْضًا مُفَرِّقُ التَّشْبِيهَاتِ لِأَجْزَاءِ الْمُرَكَّبِ الْمُشَبَّهِ مَعَ أَجْزَاءِ الْمُرَكَّبِ الْمُشَبَّهِ بِهِ وَذَلِكَ أَقْصَى كَمَالِ التَّشْبِيهِ التَّمْثِيلِيِّ فِي صِنَاعَةِ الْبَلَاغَةِ.

وَلَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ تَشْبِيهَ الْهَيْئَةِ بِالْهَيْئَةِ وَالْمُرَكَّبِ بِالْمُرَكَّبِ حَسَنُ دُخُولُ حَرْفِ التَّشْبِيهِ عَلَى بَعْضِ مَا يَدُلُّ عَلَى بَعْضِ الْمُرَكَّبِ لِيُكَوِّنَ قَرِينَةً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ التَّشْبِيهُ الْمُرَكَّبُ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ تَشْبِيهَ الْهُدَى فَقَطْ لَقَالَ: نُورُهُ كَمِصْبَاحٍ فِي مِشْكَاةٍ.. إِلَى آخِرِهِ.

فَالنُّورُ هُوَ مَعْرِفَةُ الْحَقِّ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ الْمُكْتَسَبَةُ مِنْ وَحْيِ اللَّهِ وَهُوَ الْقُرْآنُ. شُبِّهَ بِالْمِصْبَاحِ الْمَحْفُوفِ بِكُلِّ مَا يَزِيدُ نُورُهُ انْتِشَارًا وَإِشْرَاقًا.

وَجُمْلَةُ: نُورٌ عَلى نُورٍ مُسْتَأْنَفَةٌ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ مَجْمُوعِ أَجْزَاءِ الْمُرَكَّبِ التَّمْثِيلِيِّ هُنَا هُوَ الْبُلُوغُ إِلَى إِيضَاحِ أَنَّ الْهَيْئَةَ الْمُشَبَّهَ بِهَا قَدْ بَلَغَتْ حَدَّ الْمُضَاعَفَةِ لِوَسَائِلِ الْإِنَارَةِ إِذْ تَظَاهَرَتْ فِيهَا الْمِشْكَاةُ وَالْمِصْبَاحُ وَالزُّجَاجُ الْخَالِصُ وَالزَّيْتُ الصَّافِي، فَالْمِصْبَاحُ إِذَا كَانَ فِي مِشْكَاةٍ كَانَ شُعَاعُهُ مُنْحَصِرًا فِيهَا غَيْرَ مُنْتَشِرٍ فَكَانَ أَشَدَّ إِضَاءَةً لَهَا مِمَّا لَوْ كَانَ فِي بَيْتٍ، وَإِذَا كَانَ مَوْضُوعًا فِي زُجَاجَةٍ صَافِيَةٍ تَضَاعَفُ نُورُهُ، وَإِذَا كَانَ زَيْتُهُ نَقِيًّا