وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي بُيُوتٍ غَيْرَ مُرْتَبِطٍ بِمَا قَبْلَهُ وَأَنَّهُ مَبْدَأُ اسْتِئْنَافٍ ابْتِدَائِيٍّ وَأَنَّ الْمَجْرُورَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: يُسَبِّحُ لَهُ فِيها. وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ لِلِاهْتِمَامِ بِتِلْكَ الْبُيُوتِ وَلِلتَّشْوِيقِ إِلَى مُتَعَلِّقِ الْمَجْرُورِ وَهُوَ التَّسْبِيحُ وَأَصْحَابُهُ. وَالتَّقْدِيرُ: يُسَبِّحُ لِلَّهِ رِجَالٌ فِي بُيُوتٍ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: فِيهَا تَأْكِيدًا لِقَوْلِهِ: فِي بُيُوتٍ لِزِيَادَةِ الِاهْتِمَامِ بِهَا. وَفِي ذَلِكَ تَنْوِيهٌ بِالْمَسَاجِدِ وَإِيقَاعُ الصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ فِيهَا كَمَا
فِي الْحَدِيثِ: «صَلَاةُ أَحَدِكُمْ فِي الْمَسْجِدِ (أَيِ الْجَمَاعَةُ) تَفْضُلُ صَلَاتَهُ فِي بَيْتِهِ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً»
. وَالْمُرَادُ بِالْغُدُوِّ: وَقْتُ الْغُدُوِّ وَهُوَ الصَّبَاحُ لِأَنَّهُ وَقْتُ خُرُوجِ النَّاسِ فِي قَضَاء شؤونهم.
وَالْآصَالُ: جَمْعُ أَصِيلٍ وَهُوَ آخِرُ النَّهَارِ، وَتَقَدَّمَ فِي آخِرِ الْأَعْرَافِ [٢٠٥] وَفِي سُورَةِ الرَّعْدِ [١٥] .
وَالْمُرَادُ بِالرِّجَالِ: أَصْحَابُ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ كَانَ مِثْلَهُمْ فِي التَّعَلُّقِ بِالْمَسَاجِدِ.
وَتَخْصِيصُ التَّسْبِيحِ بِالرِّجَالِ عَلَى هَذَا لِأَنَّهُمُ الْغَالِبُ عَلَى الْمَسَاجِدِ كَمَا
فِي الْحَدِيثِ: « ... وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسَاجِدِ ... »
. وَيَجُوزُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ فِي بُيُوتٍ خَبَرًا مُقَدَّمًا ورِجالٌ مُبْتَدَأً، وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا نَاشِئًا عَنْ قَوْلِهِ: يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ [النُّور: ٣٥] فَيَسْأَلُ السَّائِلُ فِي نَفْسِهِ عَنْ تَعْيِينِ بَعْضٍ مِمَّنْ هَدَاهُ اللَّهُ لِنُورِهِ فَقِيلَ: رِجَالٌ فِي بُيُوتٍ. وَالرِّجَالُ أَصْحَابُ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْبُيُوتُ مَسَاجِدُ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرُهَا مِنْ بُيُوتِ الصَّلَاةِ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ وَالْمَسْجِدُ النَّبَوِيُّ وَمَسْجِدُ قِبَاءَ بِالْمَدِينَةِ وَمَسْجِدُ جُؤَاثَى بِالْبَحْرَيْنِ.
وَمَعْنَى لَا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ أَنَّهُمْ لَا تَشْغَلُهُمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنِ الصَّلَوَاتِ وَأَوْقَاتِهَا فِي الْمَسَاجِدِ. فَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ أَنَّهُمْ لَا يَتَّجِرُونَ وَلَا يَبِيعُونَ بِالْمَرَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute