وَالتِّجَارَةُ: جَلْبُ السِّلَعِ لِلرِّبْحِ فِي بَيْعِهَا، وَالْبَيْعُ أَعَمُّ وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ أَحَدٌ مَا يَحْتَاجُ إِلَى ثَمَنِهِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: يُسَبِّحُ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ ورِجالٌ فَاعِلُهُ. وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ فَيَكُونُ نَائِبُ الْفَاعِلِ أَحَدَ الْمَجْرُورَاتِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ لَهُ- فِيها- بِالْغُدُوِّ وَيَكُونُ رِجالٌ فَاعِلًا بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ مِنْ جُمْلَةٍ هِيَ اسْتِئْنَافٌ. وَدَلَّ عَلَى الْمَحْذُوفِ قَوْلُهُ: يُسَبِّحُ كَأَنَّهُ قِيلَ: مَنْ يُسَبِّحُهُ؟ فَقِيلَ:
يُسَبِّحُ لَهُ رِجَالٌ. عَلَى نَحْوِ قَوْلِ نَهْشَلِ بْنِ حَرِيٍّ يَرْثِي أَخَاهُ يَزِيدَ:
لِيُبْكَ يَزِيدُ ضَارِعٌ لِخُصُومَةٍ ... وَمُخْتَبِطٌ مِمَّا تُطِيحُ الطَّوَائِحُ
وَجُمْلَةُ: لَا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَجُمْلَةُ: يَخافُونَ صِفَتَانِ لِ رِجالٌ، أَيْ لَا يَشْغَلُهُمْ ذَلِكَ عَنْ أَدَاءِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ مِنْ خَوْفِ اللَّهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ إِلَخْ وَهَذَا تَعْرِيضٌ بِالْمُنَافِقِينَ.
وإِقامِ مَصْدَرٌ عَلَى وَزْنِ الْإِفْعَالِ. وَهُوَ مُعْتَلُّ الْعَيْنِ فَاسْتَحَقَّ نَقْلَ حَرَكَةِ عَيْنِهِ إِلَى السَّاكِنِ الصَّحِيحِ قَبْلَهُ وَانْقِلَابَ حَرْفِ الْعِلَّةِ أَلِفًا إِلَّا أَنَّ الْغَالِبَ فِي نَظَائِرِهِ أَنْ يَقْتَرِنَ آخِرُهُ بِهَاءِ تَأْنِيثٍ نَحْوَ إِدَامَةٍ وَاسْتِقَامَةٍ. وَجَاءَ مَصْدَرُ إِقامِ غَيْرَ مُقْتَرِنٍ بِالْهَاءِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ كَمَا هُنَا. وَتَقَدَّمَ مَعْنَى إِقَامَةِ الصَّلَاةِ فِي صَدْرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٣] .
وَانْتَصَبَ يَوْماً مِنْ قَوْلِهِ: يَخافُونَ يَوْماً عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ لَا عَلَى الظَّرْفِ بِتَقْدِيرِ
مُضَافٍ، أَيْ يَخَافُونَ أَهْوَالَهُ.
وَتَقَلُّبُ الْقُلُوبِ وَالْأَبْصَارِ: اضْطِرَابُهَا عَنْ مَوَاضِعِهَا مِنَ الْخَوْفِ وَالْوَجَلِ كَمَا يَتَقَلَّبُ الْمَرْءُ فِي مَكَانِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [١١٠] . وَالْمَقْصُودُ مِنْ خَوْفِهِ: الْعَمَلُ لِمَا فِيهِ الْفَلَاحُ يَوْمَئِذٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute