وَالْخُصُومَاتُ فَلَا يَطْمَئِنُّونَ بِحُكْمِ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ إِشَارَةً إِلَى فَرِيقٌ مِنْ قَوْلِهِ: إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ لِأَنَّ إِعْرَاضَهُمْ كَافٍ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى عَدَمِ الْإِيمَانِ.
فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: وَإِذا دُعُوا عَائِدٌ إِلَى مُعَادِ ضَمِيرِ يَقُولُونَ. وَإِسْنَادُ فِعْلِ دُعُوا إِلَى جَمِيعِهِمْ وَإِنْ كَانَ الْمُعْرِضُونَ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَا جَمِيعَهُمْ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّهُمْ سَوَاءٌ فِي التَّهَيُّؤِ إِلَى الْإِعْرَاضِ وَلَكِنَّهُمْ لَا يظهرونه إِلَّا عِنْد مَا تَحُلُّ بِهِمُ النَّوَازِلُ فَالْمُعْرِضُونَ هُمُ الَّذِينَ حَلَّتْ بِهِمُ الْخُصُومَاتُ.
وَقَدْ شَمِلَتِ الْآيَةُ نَفَرًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ كَانُوا حَلَّتْ بِهِمْ خُصُومَاتٌ فَأَبَوْا حكم النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِم أَو بعد مَا حَكَمَ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يُرْضِهِمْ حُكْمُهُ، فَرَوَى الْمُفَسِّرُونَ أَنَّ بِشْرًا أَحَدَ الْأَوْسِ أَوِ الْخَزْرَجِ تَخَاصَمَ إِلَى النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ يَهُودِيٍّ فَلَمَّا حَكَمَ النَّبِيءُ لِلْيَهُودِيِّ لَمْ يَرْضَ بِشْرٌ بِحُكْمِهِ وَدَعَاهُ إِلَى الْحُكْمِ عِنْدَ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ الْيَهُودِيِّ فَأَبَى الْيَهُودِيُّ وَتَسَاوَقَا إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَصَّا عَلَيْهِ الْقَضِيَّةَ فَلَمَّا عَلِمَ عُمَرُ أَنَّ بِشْرًا لَمْ يَرْضَ بِحُكْمِ النَّبِيءِ قَالَ لَهُمَا: مَكَانَكُمَا حَتَّى آتِيَكُمَا. وَدَخَلَ بَيْتَهُ فَأَخْرَجَ سَيْفَهُ وَضَرَبَ بِشْرًا بِالسَّيْفِ فَقَتَلَهُ. فَرُوِيَ أَن النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَّبَ عُمَرَ يَوْمَئِذٍ الْفَارُوقَ لِأَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، أَيْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِالْمُشَاهَدَةِ. وَقِيلَ: إِنَّ أَحَدَ الْمُنَافِقِينَ اسْمُهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ وَائِلٍ مِنَ الْأَوْسِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ الْأَوْسِيِّ تَخَاصَمَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي أَرْضٍ اقْتَسَمَاهَا ثُمَّ كَرِهَ أُمَيَّةُ الْقَسَمَ الَّذِي أَخَذَهُ فَرَامَ نَقْضَ الْقِسْمَةِ وَأَبَى عَلِيٌّ نَقْضَهَا وَدَعَاهُ إِلَى الْحُكُومَة لَدَى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ الْمُغِيرَةُ: أَمَّا مُحَمَّدٌ فَلَسْتُ آتِيهِ لِأَنَّهُ يُبْغِضُنِي وَأَنَا أَخَافُ أَنْ يَحِيفَ عَلَيَّ. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ الْآيَةُ فِي سُورَةِ
وَمِنْ سَمَاجَةِ الْأَخْبَارِ مَا نَقَلَهُ الطُّبَرِسِيُّ الشِّيعِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ الْمُسَمَّى «مَجْمَعُ الْبَيَانِ» عَنِ الْبَلْخِيِّ!! أَنَّهُ كَانَتْ بَيْنَ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ مُنَازَعَةٌ فِي أَرْضٍ اشْتَرَاهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute