للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْمَعْنَى: لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ يَأْكُلَ الْوَاحِدُ مِنْكُمْ مَعَ جَمَاعَةٍ جَاءُوا لِلْأَكْلِ مِثْلَهُ أَوْ أَنْ يَأْكُلَ وَحْدَهُ مُتَفَرِّقًا عَنْ مُشَارِكٍ، لِئَلَّا يَحْسَبَ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ إِنْ وَجَدَ مَنْ سَبَقَهُ لِلْأَكْلِ أَنْ يَتْرُكَ الْأَكْلَ حَتَّى يَخْرُجَ الَّذِي سَبَقَهُ، أَوْ أَنْ يَأْكُلَ الْوَاحِدُ مِنْكُمْ مَعَ أَهْلِ الْبَيْتِ. أَوْ أَنْ يَأْكُلَ وَحْدَهُ.

وَتَقَدَّمَ قِرَاءَةُ بِيُوتٍ بِكَسْرِ الْبَاءِ لِلْجُمْهُورِ وَبِضَمِّهَا لِوِرَشٍ وَحَفْصٍ عَنْ عَاصِمٍ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ فِي هَذِهِ السُّورَةِ [٢٧] .

فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ.

تَفْرِيعٌ عَلَى الْإِذْنِ لَهُمْ فِي الْأَكْلِ مِنْ هَذِهِ الْبُيُوتِ بِأَنْ ذَكَّرَهُمْ بِأَدَبِ الدُّخُولِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها [النُّور: ٢٧] لِئَلَّا يَجْعَلُوا الْقَرَابَةَ وَالصَّدَاقَةَ وَالْمُخَالَطَةَ مُبِيحَةً لِإِسْقَاطِ الْآدَابِ فَإِنَّ وَاجِبَ الْمَرْءِ أَنْ يُلَازِمَ الْآدَابَ مَعَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ وَلَا يَغُرَّنَّهُ قَوْلُ النَّاسِ: إِذَا اسْتَوَى الْحُبُّ سَقَطَ الْأَدَبُ.

وَمَعْنَى فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ فَلْيُسَلِّمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، كَقَوْلِهِ: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ [النِّسَاء: ٢٩] .

وَلَقَدْ عَكَفَ قَوْمٌ عَلَى ظَاهِرِ هَذَا اللَّفْظِ وَأَهْمَلُوا دَقِيقَتَهُ فَظَنُّوا أَنَّ الدَّاخِلَ يُسَلِّمُ عَلَى نَفْسِهِ إِذَا لَمْ يَجِدْ أَحَدًا وَهَذَا بَعِيدٌ مِنْ أَغْرَاضِ التَّكْلِيفِ وَالْآدَابِ. وَأَمَّا مَا

وَرَدَ فِي التَّشَهُّد من قَول: السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، فَذَلِكَ سَلَامٌ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ بِالسَّلَامَةِ جعله النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ عِوَضًا عَمَّا كَانُوا يَقُولُونَ: السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَى النَّبِيءِ، السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ وَمِكَائِيلَ، السَّلَامُ