للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَا يُقِيمُ عَلَى ضَيْمٍ يُرَادُ بِهِ ... إِلَّا الأذلان غير الْحَيِّ وَالْوَتِدُ

هَذَا عَلَى الْخَسْفِ مَرْبُوطٌ بِرُمَّتِهِ ... وَذَا يُشَجُّ فَلَا يَرْثِي لَهُ أَحَدُ

وَالشِّيعَةُ: الْجَمَاعَةُ الْمُنْتَمِيَةُ إِلَى أَحَدٍ، وَتَقَدَّمَ آنِفًا فِي قَوْلِهِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً [الْقَصَص: ٤] . وَالْعَدُوُّ: الْجَمَاعَةُ الَّتِي يُعَادِيهَا مُوسَى، أَيْ يُبْغِضُهَا. فَالْمُرَادُ بِالَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ أَنَّهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَبِالَّذِي مِنْ عَدُّوِهِ رَجُلٌ مِنَ الْقِبْطِ قَوْمِ فِرْعَوْنَ. وَالْعَدُوُّ وَصْفٌ يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ [٧٧] .

وَمَعْنَى كَوْنِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ أَنَّ مُوسَى كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِإِخْبَارِ قِصَّةِ الْتِقَاطِهِ مِنَ الْيَمِّ وَأَنْ تَكُونَ أُمُّهُ قَدْ أَفْضَتْ إِلَيْهِ بِخَبَرِهَا وَخَبَرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَنَشَأَ مُوسَى عَلَى عَدَاوَةِ الْقِبْطِ وَعَلَى إِضْمَارِ الْمَحَبَّةِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ.

وَأَمَّا وَكْزُهُ الْقِبْطِيَّ فَلَمْ يَكُنْ إِلَّا انْتِصَارًا لِلْحَقِّ عَلَى جَمِيعِ التَّقَادِيرِ، وَلِذَلِكَ لَمَّا تَكَرَّرَتِ الْخُصُومَة بَين ذَلِك الْإِسْرَائِيلِيِّ وَبَيْنَ قِبْطِيٍّ آخَرَ وَأَرَادَ مُوسَى أَنْ يَبْطِشَ بِالْقِبْطِيِّ لَمْ يَقُلْ لَهُ الْقِبْطِيُّ: إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَنْصُرَ قَوْمَكَ وَإِنَّمَا قَالَ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ [الْقَصَص: ١٩] .

قِيلَ: كَانَ الْقِبْطِيُّ مِنْ عَمَلَةِ مَخْبِزِ فِرْعَوْنَ فَأَرَادَ أَنْ يَحْمِلَ حَطَبًا إِلَى الْفُرْنِ فَدَعَا إِسْرَائِيلِيًّا لِيَحْمِلَهُ فَأَبَى فَأَرَادَ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى حَمْلِهِ وَأَنْ يَضَعَهُ عَلَى ظَهْرِهِ فَاخْتَصَمَا وَتَضَارَبَا ضَرْبًا شَدِيدًا وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالتَّقَاتُلِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ.

وَالِاسْتِغَاثَةُ: طَلَبُ الْغَوْثِ وَهُوَ التَّخْلِيصُ مِنْ شِدَّةٍ أَوِ الْعَوْنُ عَلَى دَفْعِ مَشَقَّةٍ. وَإِنَّمَا يكون هَذَا الطَّلَبُ بِالنِّدَاءِ فَذِكْرُ الِاسْتِغَاثَةِ يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْإِسْرَائِيلِيَّ كَانَ مَغْلُوبًا وَأَنَّ الْقِبْطِيَّ اشْتَدَّ عَلَيْهِ وَكَانَ ظَالِمًا إِذْ لَا يُجْبَرُ أَحَدٌ عَلَى عَمَلٍ يَعْمَلُهُ.

وَالْوَكْزُ: الضَّرْبُ بِالْيَدِ بِجُمْعِ أَصَابِعِهَا كَصُورَةِ عَقْدِ ثَلَاثَةٍ وَسَبْعِينَ، وَيُسَمَّى الْجُمْعَ بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمِيمِ.

وفَقَضى عَلَيْهِ جُمْلَةٌ تُقَالُ بِمَعْنَى مَاتَ لَا تُغَيَّرُ. فَفَاعِلُ (قَضَى) مَحْذُوفٌ أَبَدًا عَلَى مَعْنَى قَضَى عَلَيْهِ قَاضٍ وَهُوَ الْمَوْتُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَائِدًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى