للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدِّينِ السُّبْكِيِّ الْمَجْعُولَةِ لِاعْتِرَاضِ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ، وَتَبِعَهُ السُّيُوطِيُّ فِي الْفَنِّ السَّابِعِ مِنْ كِتَابِ «الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ النَّحْوِيَّةِ» ، وَيَلُوحُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ «الْكَشَّافِ» اسْتِشْعَارُ عَدَمِ صَلَاحِيَةِ الْآيَةِ لِاعْتِبَارِ الشَّرْطِ فِي الشَّرْطِ فَأَخَذَ يَتَكَلَّفُ لِتَصْوِيرِ ذَلِكَ.

وَانْتَصَبَ خالِصَةً عَلَى الْحَالِ مِنَ امْرَأَةً، أَيْ خَالِصَةً لَكَ تِلْكَ الْمَرْأَةُ، أَيْ هَذَا الصِّنْفُ مِنَ النِّسَاءِ، وَالْخُلُوصُ مَعْنِيٌّ بِهِ عَدَمُ الْمُشَارَكَةِ، أَيْ مُشَارَكَةِ بَقِيَّةِ الْأُمَّةِ فِي هَذَا الْحُكْمِ إِذْ مَادَّةُ الْخُلُوصِ تَجْمَعُ مَعَاني التجرّد عَن الْمُخَالَطَةِ. فَقَوْلُهُ: مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ لِبَيَانِ حَالٍ مِنْ ضَمِيرِ الْخِطَابِ فِي قَوْلِهِ: لَكَ مَا فِي الْخُلُوصِ مِنَ الْإِجْمَالِ فِي نِسْبَتِهِ.

وَقَدْ دَلَّ وَصْفُ امْرَأَةً بِأَنَّهَا مُؤْمِنَةً أَنَّ الْمَرْأَةَ غَيْرَ الْمُؤْمِنَةِ لَا تَحِلُّ لِلنَّبِيءِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِهِبَةِ نَفْسِهَا. وَدَلَّ ذَلِكَ بِدَلَالَةِ لَحْنِ الْخِطَابِ أَنَّهُ لَا يحلّ للنبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوُّجُ الْكِتَابِيَّاتِ بَلْهَ الْمُشْرِكَاتِ، وَحَكَى إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ:

وَالصَّحِيحُ عِنْدِي تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ. وَبِهَذَا يَتَمَيَّزُ عَلَيْنَا فَإِنَّ مَا كَانَ مِنْ جَانِبِ الْفَضَائِلِ وَالْكَرَامَةِ فَحَظُّهُ فِيهِ أَكْثَرُ وَإِذَا كَانَ لَا تَحِلُّ لَهُ مَنْ لَمْ تُهَاجِرْ لِنُقْصَانِهَا فَضْلَ الْهِجْرَةِ فَأَحْرَى أَنْ لَا تَحِلَّ لَهُ الْكِتَابِيَّةُ الْحُرَّةُ.

قَدْ عَلِمْنا مَا فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ.

جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ جُمْلَةِ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَبَيْنَ قَوْلِهِ: لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ أَوْ هِيَ حَالٌ سَبَبِيٌّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، أَيْ حَالَ كَوْنِهِمْ قَدْ عَلِمْنَا مَا نَفْرِضُ عَلَيْهِمْ.

وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ مُسْتَمِرٌّ مَا شُرِعَ لَهُمْ مِنْ قَبْلُ فِي أَحْكَام الْأزْوَاج وَمَا مَلَكَتْ إِيمَانُهُمْ، فَلَا يَشْمَلُهُمْ مَا عُيِّنَ لَكَ مِنَ الْأَحْكَامِ الْخَاصَّةِ الْمَشْرُوعَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ آنِفًا، أَيْ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ مَا فَرَضْنَاهُ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ هُوَ اللَّائِقُ بِحَالِ عُمُومِ الْأُمَّةِ دُونَ مَا فَرَضْنَاهُ لَكَ خَاصَّةً.

وَمَا فَرَضْنا عَلَيْهِمْ مَوْصُول وَصِلَتُهُ، وَتَعْدِيَةُ فَرَضْنا بِحَرْفِ (عَلَى) الْمُقْتَضِي لِلتَّكْلِيفِ وَالْإِيجَابِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ مِنْ شَرَائِعِ أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ إِيمَانُهُمْ