وَتَعْرِيفُ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ بِالْمَوْصُولِيَّةِ لِأَنَّ هَذَا الْمَوْصُولَ صَارَ كَالْعَلَمِ بالغلبة عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِي اصْطِلَاحِ الْقُرْآنِ وَتَعَارُفِ الْمُسْلِمِينَ.
والسَّاعَةُ: عَلَمٌ بِالْغَلَبَةِ فِي الْقُرْآنِ عَلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَاعَةِ الْحَشْرِ.
وَعَبَّرَ عَنِ انْتِفَاءِ وُقُوعِهَا بِانْتِفَاءِ إِتْيَانِهَا عَلَى طَرِيقِ الْكِنَايَةِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ وَاقِعَةً لَأَتَتْ، لَأَنَّ وُقُوعَهَا هُوَ إِتْيَانُهَا.
وَضَمِيرُ الْمُتَكَلِّمِ الْمُشَارِكِ مُرَادٌ بِهِ جَمِيعُ النَّاسِ.
وَلَقَدْ لَقَّنَ اللَّهُ نَبِيئَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَوَابَ عَنْ قَوْلِ الْكَافِرِينَ بِالْإِبْطَالِ الْمُؤَكَّدِ عَلَى عَادَةِ إِرْشَادِ
الْقُرْآنِ فِي انْتِهَازِ الْفُرَصِ لِتَبْلِيغِ الْعَقَائِدِ.
وبَلى حَرْفُ جَوَابٍ مُخْتَصٌّ بِإِبْطَالِ النَّفْيِ فَهُوَ حَرْفُ إِيجَابٍ لِمَا نَفَاهُ كَلَامٌ قَبْلَهُ وَهُوَ نَظِيرُ (بَلْ) أَوْ مُرَكَّبٌ مِنْ (بَلْ) وَأَلِفٍ زَائِدَةٍ، أَوْ هِيَ أَلِفُ تَأْنِيثٍ لِمُجَرَّدِ تَأْنِيثِ الْكَلِمَةِ مِثْلَ زِيَادَةِ تَاءِ التَّأْنِيثِ فِي ثَمَّةَ وَرُبَّةَ، لَكِنَّ بَلى حَرْفٌ يَخْتَصُّ بِإِيجَابِ النَّفْيِ فَلَا يَكُونُ عَاطِفًا وَ (بَلْ) يُجَابُ بِهِ الْإِثْبَاتُ وَالنَّفْيُ وَهُوَ عَاطِفٌ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى بَلى عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٨١] .
وَأَكَّدَ مَا اقْتَضَاهُ بَلى مِنْ إِثْبَاتِ إِتْيَانِ السَّاعَةِ بِالْقَسَمِ عَلَى ذَلِكَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى ثِقَةِ الْمُتَكَلِّمِ بِأَنَّهَا آتِيَةٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِإِقْنَاعِ الْمُخَاطَبِينَ وَهُوَ تَأْكِيدٌ يُرَوِّعُ السَّامِعِينَ الْمُكَذِّبِينَ.
وَعُدِّيَ إِتْيَانُهَا إِلَى ضَمِيرِ الْمُخَاطَبِينَ مِنْ بَيْنِ جَمِيعِ النَّاسِ دُونَ: لَتَأْتِيَنَّا، وَدُونَ أَنْ يُجَرَّدَ عَنِ التَّعْدِيَةِ لِمَفْعُولٍ، لِأَنَّ الْمُرَادَ إِتْيَانُ السَّاعَةِ الَّذِي يَكُونُ عِنْدَهُ عِقَابُهُمْ كَمَا يُقَالُ:
أَتَاكُم الْعَدُوُّ، وَأَتَاكَ أَتَاكَ اللَّاحِقُونَ، فَتَعَلُّقُهُ بِضَمِيرِ الْمُخَاطَبِينَ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ كِنَايَةٌ عَنْ إِتْيَانِ مَكْرُوهٍ فِيهِ عَذَابٌ.
وَفِعْلُ (أَتَى) يَرِدُ كَثِيرًا فِي مَعْنَى حُلُولِ الْمَكْرُوهِ مِثْلَ أَتى أَمْرُ اللَّهِ [النَّحْل: ١] وفَأَتاهُمُ الْعَذابُ [الزمر: ٢٥] ويَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ [الْأَنْعَام: ١٥٨] ، وَقَوْلِ النَّابِغَةِ:
فلتأتينك قصائد وليدفعن ... جَيْشًا إِلَيْكَ قَوَادِمُ الْأَكْوَارِ