وَقَوْلُهُمْ: نَعْمَلْ صالِحاً وَعْدٌ بِالتَّدَارُكِ لِمَا فَاتَهُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَلَكِنَّهَا إِنَابَةٌ بَعْدَ إِبَانِهَا.
وَلِإِرَادَةِ الْوَعْدِ جُزِمَ نَعْمَلْ صالِحاً فِي جَوَابِ الدُّعَاءِ. وَالتَّقْدِيرُ: إِنْ تُخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا.
وغَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ نَعْتٌ لِ صالِحاً، أَيْ عَمَلًا مُغَايِرًا لِمَا كُنَّا نَعْمَلُهُ فِي الدُّنْيَا وَهَذَا نَدَامَةٌ عَلَى مَا كَانُوا يَعْمَلُونَهُ لِأَنَّهُمْ أَيْقَنُوا بِفَسَادِ عَمَلِهِمْ وَضُرِّهِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْعَالَمَ عَالَمُ الْحَقَائِقِ.
أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ.
الْوَاوُ عَاطِفَةٌ فِعْلَ قَوْلٍ مَحْذُوفًا لِعِلْمِهِ مِنَ السِّيَاقِ بِحَسَبِ الضَّمِيرِ فِي نُعَمِّرْكُمْ مَعْطُوفًا عَلَى جُمْلَةِ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها فَإِنَّ صُرَاخَهُمْ كَلَامٌ مِنْهُمْ، وَالتَّقْدِيرُ: يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا وَنَقُولُ أَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ.
وَالِاسْتِفْهَامُ تَقْرِيعٌ لِلتَّوْبِيخِ، وَجُعِلَ التَّقْرِيرُ عَلَى النَّفْيِ تَوْطِئَةً لِيُنْكِرَهُ الْمُقَرَّرُ حَتَّى إِذَا قَالَ: بَلَى عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَسَعْهُ الْإِنْكَارُ حَتَّى مَعَ تَمْهِيدِ وطاء الْإِنْكَار إِلَيْهِ.
وَالتَّعْمِيرُ: تَطْوِيلُ الْعُمُرِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ، مِنْهَا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٩٦] ، وَقَوْلِهِ: وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ فِي هَذِهِ السُّورَةِ [١١] .
وَمَا ظَرْفِيَّةٌ مَصْدَرِيَّةٌ، أَيْ زَمَانَ تَعْمِيرِ مُعَمَّرٍ.
وَجُمْلَةُ يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ صِفَةٌ لِ مَا، أَيْ زَمَانًا كَافِيًا بِامْتِدَادِهِ لِلتَّذَكُّرِ وَالتَّبْصِيرِ.
والنَّذِيرُ الرَّسُولُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَجُمْلَةُ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ «أَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ» لِأَنَّ مَعْنَاهَا الْخَبَرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute