والصَّافِناتُ: وَصْفٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ اسْتُغْنِيَ عَنْ ذِكْرِهِ لِدَلَالَةِ الصِّفَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الصَّافِنَ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنَ الْخَيْلِ وَالْأَفْرَاسِ وَهُوَ الَّذِي يَقِفُ عَلَى ثَلَاثِ قَوَائِمَ وَطَرْفِ حَافِرِ الْقَائِمَةِ الرَّابِعَةِ لَا يُمَكِّنُ الْقَائِمَةَ الرَّابِعَةَ مِنَ الْأَرْضِ، وَتِلْكَ مِنْ عَلَامَاتِ خِفَّتِهِ الدَّالَّةِ عَلَى كَرَمِ أَصْلِ الْفَرَسِ وَحُسْنِ خِلَالَهِ، يُقَالُ: صَفَنَ الْفُرَسُ صُفُونًا، وَأَنْشَدَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَالزَّجَّاجُ فِي صفة فرس:
أَلِفَ الصُّفُونَ فَلَا يَزَالُ كَأَنَّهُ ... مِمَّا يَقُومُ عَلَى الثَّلَاثِ كَسِيرًا (١)
الْجِيادُ: جَمْعُ جَوَادٍ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَهُوَ الْفَرَسُ ذُو الْجَوْدَةِ، أَيِ النَّفَاسَةِ، وَكَانَ سُلَيْمَانُ مُولَعًا بِالْإِكْثَارِ مِنَ الْخَيْلِ وَالْفَرَسَانِ، فَكَانَتْ خَيْلُهُ تُعَدُّ بِالْآلَافِ.
وَأَصْلُ تَرْكِيبِ أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ: أَحْبَبْتُ الْخَيْرَ حُبًّا، فَحَوَّلَ التَّرْكِيبَ إِلَى أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ فَصَارَ حُبَّ الْخَيْرِ تَمْيِيزًا لِإِسْنَادِ نِسْبَةِ الْمَحَبَّةِ إِلَى نَفْسِهِ لِغَرَضِ
الْإِجْمَالِ ثُمَّ التَّفْصِيلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً [الْقَمَر: ١٢] وَقَوْلِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
أَكْرِمْ بِهَا خَلَّةً وَقَوْلِهِمْ: لِلَّهِ دَرُّهُ فَارِسًا.
وَضَمَّنَ أَحْبَبْتُ مَعْنَى عَوَّضْتُ، فَعُدِّيَ بِ عَنْ فِي قَوْلِهِ: عَنْ ذِكْرِ رَبِّي فَصَارَ الْمَعْنَى: أَحْبَبْتُ الْخَيْرَ حُبًّا فَجَاوَزْتُ ذِكْرَ رَبِّي. وَالْمُرَادُ بِذِكْرِ الرَّبِّ الصَّلَاةُ، فَلَعَلَّهَا صَلَاةٌ كَانَ رَتَّبَهَا لِنَفْسِهِ لِأَنَّ وَقْتَ الْعَشِيِّ لَيْسَتْ فِيهِ صَلَاةٌ مَفْرُوضَةٌ فِي شَرِيعَةِ مُوسَى إِلَّا الْمَغْرِبُ.
والْخَيْرِ: الْمَالُ النَّفِيسُ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنْ تَرَكَ خَيْراً [الْبَقَرَة: ١٨٠] .
وَالْخَيْلُ مِنَ الْمَالِ النَّفِيسِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْخَيْرُ بِالرَّاءِ مِنْ أَسْمَاءِ الْخَيل. وَالْعرب تعاقب بَيْنَ اللَّامِ وَالرَّاءِ كَمَا يَقُولُونَ: انْهَمَلَتِ الْعَيْنُ وَانْهَمَرَتْ. وَخَتَلَ وَخَتَرَ إِذَا خَدَعَ.
(١) فِي هَذَا الْبَيْت إِشْكَال من جِهَة الْعَرَبيَّة إِذْ نصب كسيرا وَهُوَ فِي الْمَعْنى خبر كَأَن. وَخرج على أَنه جعله خبر (يزَال) على وَجه التَّشْبِيه البليغ. وأقحم (كَأَنَّهُ) لتقرر التَّشْبِيه. وَقد احتفل بِبَيَان هَذَا الْبَيْت ابْن الْحَاجِب فِي «أَمَالِيهِ» ، وَصَاحب الْكَشْف على «الْكَشَّاف» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute