وَقَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ تَسْمِيَةُ خَمْسَةَ عَشَرَ رَسُولًا وَهُمْ: نُوحٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَلُوطٌ وَإِسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ وَيَعْقُوبُ وَيُوسُفُ وَهُودٌ وَصَالِحٌ وَشُعَيْبٌ وَمُوسَى وَهَارُونُ وَعِيسَى وَيُونُسُ وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاثْنَا عَشَرَ نَبِيئًا وَهُمْ: دَاوُدُ وَسليمَان وَأَيوب وزكرياء وَيَحْيَى وَإِلْيَاسُ وَالْيَسَعُ وَإِدْرِيسُ وَآدَمُ وَذُو الْكِفْلِ وَذُو الْقَرْنَيْنِ وَلُقْمَانُ وَنَبِيئَةٌ وَهِيَ مَرْيَمُ. وَوَرَدَ بِالْإِجْمَالِ دُونَ تَسْمِيَةٍ صَاحِبُ مُوسَى الْمُسَمَّى فِي السّنة خضراء وَنَبِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَهُوَ صَمْوِيلُ وَتُبَّعٌ.
وَلَيْسَ الْمُسْلِمُونَ مُطَالَبِينَ بِأَنْ يَعْلَمُوا غَيْرَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنَّ الْأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي الْقُرْآنِ بِصَرِيحِ وَصْفِ النُّبُوءَةِ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِنُبُوءَتِهِمْ لِمَنْ قَرَأَ الْآيَاتِ الَّتِي ذُكِرُوا فِيهَا وَعِدَّتُهُمْ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ بَيْنَ رَسُولٍ وَنَبِيءٍ، وَقَدِ اشْتَمَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ إِلَى قَوْله: وَلُوطاً [الْأَنْعَام: ٨٣- ٨٦] عَلَى أَسْمَاءِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِنْهُمْ وَذُكِرَ أَسْمَاءُ سَبْعَةٍ آخَرِينَ فِي آيَاتٍ أُخْرَى وَقَدْ جَمَعَهَا مَنْ قَالَ:
حَتْمٌ عَلَى كُلِّ ذِي التَّكْلِيفِ مَعْرِفَةٌ ... بِأَنْبِيَاءَ عَلَى التَّفْصِيلِ قَدْ عُلِمُوا
فِي تِلْكَ حُجَّتُنَا مِنْهُمْ ثَمَانِيَةٌ ... مِنْ بَعْدِ عَشْرٍ وَيَبْقَى سَبْعَةٌ وَهُم
إِدْرِيسُ هُودٌ شُعَيْبٌ صَالِحٌ وَكَذَا ... ذُو الْكِفْلِ آدَمُ بِالْمُخْتَارِ قَدْ خُتِمُوا
وَاعْلَمْ أَنَّ فِي كَوْنِ يُوسُفَ رَسُولًا تَرَدُّدًا بَيَّنْتُهُ عِنْد قَوْله تَعَالَى: وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ [٣٤] ، وَأَن فِي نبوءة الْخِضْرِ وَلُقْمَانَ وَذِي الْقَرْنَيْنِ وَمَرْيَمَ تَرَدُّدًا. واخترت إِثْبَات نبوءتهم لِأَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ فِي بَعْضِهِمْ أَنَّهُ خَاطَبَهُمْ، وَذَكَرَ فِي بَعْضِهِمْ أَنَّهُ أُوتِيَ الْحِكْمَةَ وَقَدِ اشْتُهِرَتْ فِي النُّبُوءَةِ، وَفِي بَعْضِهِمْ أَنَّهُ كَلَّمَتْهُ الْمَلَائِكَةُ. وَلَا يَجِبُ الْإِيمَانُ إِلَّا بِوُقُوعِ الرِّسَالَةِ وَالنُّبُوءَةِ عَلَى الْإِجْمَالِ.
وَلَا يَجِبُ عَلَى الْأُمَّةِ الْإِيمَانُ بِنُبُوءَةِ رِسَالَةِ مُعَيَّنٍ إِلَّا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ مَنْ بَلَغَ الْعِلْمُ بِنُبُوءَتِهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مَبْلَغَ الْيَقِينِ لِتَوَاتُرِهِ مِثْلَ مُوسَى وَعِيسَى وَإِبْرَاهِيمَ وَنُوحٍ.
وَلَكِنَّ مَنِ اطَّلَعَ عَلَى ذِكْرِ نُبُوءَةِ نَبِيءٍ بِوَصْفِهِ ذَلِكَ فِي الْقُرْآن صَرِيحًا وَجب (١) عَلَيْهِ الْإِيمَانُ بِمَا عَلِمَهُ.
(١) فِي المطبوعة (وَجِيء) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute