وَالِاسْتِغْفَارُ: طَلَبُ الْعَفْوِ عَمَّا فَرَطَ مِنْ ذَنْبٍ أَوْ عِصْيَانٍ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْغَفْرِ وَهُوَ السَّتْرُ.
وَالْمَعْنَى: فَأَخْلِصُوا إِلَى اللَّهِ فِي عِبَادَتِهِ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ غَيْرَهُ وَاسْأَلُوا مِنْهُ الصَّفْحَ عَمَّا فَرَطَ مِنْكُمْ مِنَ الشِّرْكِ وَالْعِنَادِ.
وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (٧) وَعِيدٌ لِلْمُشْرِكِينَ بِسُوءِ الْحَالِ وَالشَّقَاءِ فِي الْآخِرَةِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ جُمْلَةِ الْقَوْلِ الَّذِي أَمر الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَهُ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى جُمْلَةِ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَلَامًا مُعْتَرِضًا مِنْ جَانِبِ اللَّهِ تَعَالَى فَتَكُونَ الْوَاوُ اعْتِرَاضِيَّةً بَيْنَ جُمْلَةِ قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ وَجُمْلَة قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ [فصلت: ٩] أَيْ أَجِبْهُمْ بِقَوْلِكَ: أَنا بشر مثلك يُوحَى إِلَيَّ وَنَحْنُ أَعْتَدْنَا لَهُمُ الْوَيْلَ وَالشَّقَاءَ إِنْ لَمْ يَقْبَلُوا مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ، فَيَكُونُ هَذَا إِخْبَارًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى.
وَذِكْرُ الْمُشْرِكِينَ إِظْهَارٌ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ وَيُسْتَفَادُ تَعْلِيقُ الْوَعِيدِ عَلَى اسْتِمْرَارِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ مِنَ الْإِخْبَارِ عَنِ الْوَيْلِ بِكَوْنِهِ ثَابِتًا لِلْمُشْرِكِينَ وَالْمَوْصُوفِينَ بِالَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَبِأَنَّهُمْ كَافِرُونَ بِالْبَعْثِ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالْمُشْتَقِّ يُؤْذِنُ بِعَلِيَّةِ مَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ، وَلِأَنَّ الْمَوْصُولَ يُؤْذِنُ بِالْإِيمَاءِ إِلَى وَجْهِ بِنَاءِ الْخَبَرِ. فَأَمَّا كَوْنُ الشِّرْكِ وَإِنْكَارِ الْبَعْثِ مُوجِبَيْنِ لِلْوَيْلِ
فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا كَوْنُ عَدَمِ إِيتَاءِ الزَّكَاةِ مُوجِبًا لِلْوَيْلِ فَذَلِكَ لِأَنَّهُ حَمَلَ عَلَيْهِمْ مَا قَارَنَ الْإِشْرَاكَ وَإِنْكَارَ الْبَعْثِ مِنْ عَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِالْأَعْمَالِ الَّتِي جَاءَ بِهَا الْإِسْلَامُ، فَذِكْرُ ذَلِكَ هُنَا لِتَشْوِيهِ كُفْرِهِمْ وَتَفْظِيعِ شِرْكِهِمْ وَكُفْرَانِهِمْ بِالْبَعْثِ بِأَنَّهُمَا يَدْعُوَانِهِمْ إِلَى مَنْعِ الزَّكَاةِ، أَيْ إِلَى الْقَسْوَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ الضُّعَفَاءِ وَإِلَى الشُّحِّ بِالْمَالِ وَكَفَى بِذَلِكَ تَشْوِيهًا فِي حُكْمِ الْأَخْلَاقِ وَحُكْمِ الْعُرْفِ فِيهِمْ لِأَنَّهُمْ يَتَعَيَّرُونَ بِاللُّؤْمِ، وَلَكِنَّهُمْ يَبْذُلُونَ الْمَالَ فِي غَيْرِ وَجْهِهِ وَيَحْرِمُونَ مِنْهُ مُسْتَحِقِّيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute