وَسُكُونِ الْقَافِ وَهُوَ: الْبِنَاءُ الْمُمْتَدُّ عَلَى جُدْرَانِ الْبَيْتِ الْمُغَطِّي فَضَاءَ الْبَيْتَ، وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ فِي سُورَةِ النَّحْلِ [٢٦] . وَهَذَا الْجَمْعُ لَا نَظِيرَ لَهُ إِلَّا رَهْنٌ وَرُهُنٌ وَلَا ثَالِثَ لَهُمَا. وَقَرَأَهُ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَأَبُو جَعْفَرٍ سَقْفًا بِفَتْحِ السِّينِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ عَلَى الْإِفْرَادِ. وَالْمُرَادُ مِنَ الْمُفْرَدِ الْجِنْسُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ لِبُيُوتِهِمْ كَأَنَّهُ قِيلَ: لِكُلِّ بَيْتٍ سَقْفٌ.
وَالزُّخْرُفُ: الزِّينَةُ قَالَ تَعَالَى: زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [١١٢] ، فَيَكُونُ هُنَا عَطْفًا عَلَى سُقُفاً جَمْعًا لِعَدِيدِ الْمَحَاسِنِ، وَيُطْلَقُ عَلَى الذَّهَبِ لِأَنَّ الذَّهَبَ يُتَزَيَّنُ بِهِ، كَقَوْلِهِ: أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ [الْإِسْرَاء: ٩٣] ، فَيَكُونُ وَزُخْرُفاً عَطْفًا عَلَى سُقُفاً بِتَأْوِيلِ: لَجَعَلْنَا لَهُمْ ذَهَبًا، أَيْ لَكَانَتْ سُقُفُهُمْ وَمَعَارِجُهُمْ وَأَبْوَابُهُمْ مِنْ فِضَّةٍ وَذَهَبٍ مُنَوَّعَةً لِأَنَّ ذَلِكَ أَبْهَجُ فِي تَلْوِينِهَا. وَابْتُدِئَ بِالْفِضَّةِ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ فِي التَّحَلِّيَاتِ وَأَجْمَلُ فِي اللَّوْنِ، وَأَخَّرَ الذَّهَبَ لِأَنَّهُ أَنْدَرُ فِي الْحُلِيِّ، وَلِأَنَّ لَفْظَهُ أَسْعَدُ بِالْوَقْفِ لِكَوْنِ آخِرِهِ تَنْوِينًا يَنْقَلِبُ فِي الْوَقْفِ أَلِفًا فَيُنَاسِبُ امْتِدَادَ الصَّوْتِ وَهُوَ أَفْصَحُ فِي الْوَقْفِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ زُخْرُفاً مُسْتَعْمَلًا فِي مَعْنَيَيْهِ اسْتِعْمَالَ الْمُشْتَرَكِ، فَلَا يَرِدُ سُؤَالٌ عَنْ تَخْصِيصِ السَّقْفِ وَالْمَعَارِجِ بِالْفِضَّةِ. ومَعارِجَ اسْمُ جَمْعِ مِعْرَاجٍ، وَهُوَ الدَّرَجُ الَّذِي يُعْرَجُ بِهِ إِلَى الْعَلَالِي.
وَمَعْنَى يَظْهَرُونَ: يَعْلُونَ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ [الْكَهْف: ٩٧] ، أَيْ أَنْ يَتَسَوَّرُوهُ.
وَسُرُرُ بِضَمَّتَيْنِ: جَمْعُ سَرِيرٍ، وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ [٤٤] ، وَفَائِدَةُ وَصْفِهَا بجملة عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّهُمْ يُعْطَوْنَ هَذِهِ الْبَهْرَجَةَ مَعَ اسْتِعْمَالِهَا فِي دَعَةِ الْعَيْشِ وَالْخُلُوِّ عَنِ التَّعَبِ. وَالْمُرَادُ أَنَّ الْمَعَارِجَ وَالْأَبْوَابَ وَالسُّرُرَ مِنْ فِضَّةٍ، فَحُذِفَ الْوَصْفُ مِنَ الْمَعْطُوفَاتِ لِدَلَالَةِ مَا وُصِفَ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute