للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ فَآزَرَهُ. وَقَرَأَهُ ابْنُ ذَكْوَانَ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ فَأَزَّرَهُ بِدُونِ أَلِفٍ بَعْدِ الْهَمْزَةِ وَالْمَعْنَى وَاحِد.

وَمعنى فَاسْتَغْلَظَ غَلُظَ غِلْظًا شَدِيدًا فِي نَوْعِهِ، فَالسِّينُ وَالتَّاءُ لِلْمُبَالَغَةِ مِثْلُ:

اسْتَجَابَ. وَالضَّمِيرَانِ المرفوعان فِي فَاسْتَغْلَظَ واستوى عَائِدَانِ إِلَى الزَّرْعِ.

وَالسَّوَقُ: جَمْعُ سَاقٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ لِأَنَّ سَاقًا لَيْسَ بِوَصْفٍ وَهُوَ اسْمٌ عَلَى زِنَةِ فَعَلٍ بِفَتْحَتَيْنِ. وَقِرَاءَةُ الْجَمِيعِ عَلى سُوقِهِ بِالْوَاوِ بَعْدَ الضَّمَّةِ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: قَرَأَ ابْن كثير سُوقِهِ بِالْهَمْزَةِ أَيْ هَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَ السِّينِ الْمَضْمُومَةِ وَهِيَ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ يَهْمِزُونَ الْوَاوَ الَّتِي قَبْلَهَا ضَمَّةٌ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ (١) :

لَحَبُّ الْمُؤْقِدَانِ إِلَيَّ مُؤْسَى وَتُنْسَبُ لِقُنْبُلٍ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ وَلَمْ يَذْكُرْهَا الْمُفَسِّرُونَ وَلَمْ يَذْكُرْهَا فِي «حِرْزِ الْأَمَانِي» وَذَكَرَهَا النَوْرِيُّ فِي كِتَابِ «غَيْثِ النَّفْعِ» وَكَلَامُهُ غَيْرُ وَاضِحٍ فِي صِحَّةِ نِسْبَةِ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ إِلَى قُنْبُلٍ.

وَسَاقُ الزَّرْعِ وَالشَّجَرَةِ: الْأَصْلُ الَّذِي تَخْرُجُ فِيهِ السُّنْبُلُ وَالْأَغْصَانُ. وَمَعْنَى هَذَا التَّمْثِيلِ تَشْبِيه حَال بده الْمُسْلِمِينَ وَنَمَائِهِمْ حَتَّى كَثُرُوا وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ تَشْبِيهَ بَدْءِ دِينِ الْإِسْلَامِ ضَعِيفًا وَتَقَوِّيهِ يَوْمًا فَيَوْمًا حَتَّى اسْتَحْكَمَ أَمْرُهُ وَتَغَلَّبَ عَلَى أَعْدَائِهِ. وَهَذَا التَّمْثِيلُ قَابِلٌ لِاعْتِبَارِ تَجْزِئَةِ التَّشْبِيهِ فِي أَجْزَائِهِ بِأَنْ يشبه مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالزَّارِعِ


(١) هُوَ جرير، وَتَمام الْبَيْت:
وجعدة إِذا أضاءهما الْوقُود وتقدّم عِنْد قَوْله تَعَالَى: وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ فِي سُورَة الْبَقَرَة [٤] . وَالْبَيْت من قصيدة فِي مدح هِشَام بن عبد الْملك.