الْمَوَاقِفِ» :
هُوَ مُتَوَاتِرٌ. وَفِي عِبَارَتِهِ تَسَامُحٌ لِعَدَمِ تَوَفُّرِ شَرْطِ التَّوَاتُرِ. وَمُرَادُهُ: أَنَّهُ مُسْتَفِيضٌ.
وَظَاهِرُ بَعْضِ الرِّوَايَاتِ
لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ قَبْلَ حُصُولِ انْشِقَاقِ الْقَمَرِ الْوَاقِعِ بِمَكَّةَ لَمَّا سَأَلَ الْمُشْرِكُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَةً أَوْ سَأَلُوهُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ وَإِنَّمَا هُوَ انْشِقَاق يحصل عِنْد حُلُول السَّاعَةِ. وَرُوِيَ هَذَا عَنِ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ
وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْخُسُوفِ فِي سُورَةِ الْقِيَامَةِ [٧، ٨] فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ وَخَسَفَ الْقَمَرُ الْآيَةَ.
وَهَذَا لَا يُنَافِي وُقُوعَ انْشِقَاقِ الْقَمَرِ الَّذِي سَأَلَهُ الْمُشْرِكُونَ وَلَكِنَّهُ غَيْرُ الْمُرَادِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لَكِنَّهُ مُؤَوَّلٌ بِمَا فِي رِوَايَتِهِ عِنْدَ غَيْرِ التِّرْمِذِيِّ.
وَلِحَدِيثِ أَنْسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ بَعْدَ انْشِقَاقِ الْقَمَرِ.
وَعَلَى جَمِيعِ تِلْكَ الرِّوَايَاتِ فَانْشِقَاقُ الْقَمَرِ الَّذِي هُوَ مُعْجِزَةٌ حَصَلَ فِي الدُّنْيَا. وَفِي «الْبُخَارِيِّ» عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: «خَمْسٌ قَدْ مَضَيْنَ اللِّزَامُ وَالرُّومُ وَالْبَطْشَةُ وَالْقَمَرُ وَالدُّخَانُ. وَعَنِ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ أَنَّ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ يَكُونُ عِنْدَ الْقِيَامَةِ وَاخْتَارَهُ الْقُشَيْرِيُّ، وَرُوِيَ عَنِ الْبَلْخِيِّ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ لِلْجُمْهُورِ.
وَخَبَرُ انْشِقَاقِ الْقَمَرِ مَعْدُودٌ فِي مَبَاحِثِ الْمُعْجِزَاتِ مِنْ كتب «السِّيرَة» و «دَلَائِل النُّبُوَّة» .
وَلَيْسَ لَفْظُ هَذِهِ الْآيَةِ صَرِيحًا فِي وُقُوعِهِ وَلَكِنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ يَقْتَضِيهِ كَمَا فِي «الشِّفَاءِ» .
فَإِنْ كَانَ نُزُولُ هَذِهِ الْآيَةِ وَاقِعًا بَعْدَ حُصُولِ الِانْشِقَاقِ كَمَا اقْتَضَاهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي «جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ» فَتَصْدِيرُ السُّورَةِ بِ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ لِلِاهْتِمَامِ بِالْمَوْعِظَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا إِذْ قَدْ تَقَرَّرَ الْمَقْصُودُ مِنْ تَصْدِيقِ الْمُعْجِزَةِ.
فَجُعِلَتْ تِلْكَ الْمُعْجِزَةُ وَسِيلَةً لِلتَّذْكِيرِ بِاقْتِرِابِ السَّاعَةِ عَلَى طَرِيقَةِ الْإِدْمَاجِ بِمُنَاسَبَةِ أَنَّ الْقَمَرَ كَائِنٌ مِنَ الْكَائِنَاتِ السَّمَاوِيَّةِ ذَاتِ النِّظَامِ الْمُسَايِرِ لِنِظَامِ الْجَوِّ الْأَرْضِيِّ فَلَمَّا حَدَثَ تَغَيُّرٌ فِي نِظَامِهِ لَمْ يَكُنْ مَأْلُوفًا نَاسَبَ تَنْبِيهَ النَّاسِ لِلِاعْتِبَارِ بِإِمْكَانِ