للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّنَةُ تَنْقَسِمُ إِلَى سِتَّةِ فُصُولٍ كُلُّ فَصْلٍ مِنْهَا شَهْرَانِ: الْفَصْلُ الْأَوَّلُ الْخَرِيفُ وَشَهْرَاهُ مُحَرَّمٌ وَصَفَرٌ، الثَّانِي رَبِيعٌ الْأَوَّلُ وَهُوَ وَقْتُ نُضْجِ الثِّمَارِ وَظُهُورِ الرُّطَبِ وَالتَّمْرِ وَشَهَرَاهُ شَهْرُ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَشَهْرُ رَبِيعٍ الثَّانِي عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ وَصْفٌ لِشَهْرٍ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَرَبَ يَقُولُونَ «الرُّطَبُ شَهْرَيْ رَبِيعٍ» ، الثَّالِثُ الشِّتَاءُ وَشَهْرَاهُ جُمَادَى الْأُولَى وَجُمَادَى الثَّانِيَةُ قَالَ حَاتِمٌ:

فِي لَيْلَةٍ مِنْ جُمَادَى ذَاتِ أَنْدِيَةٍ ... لَا يُبْصِرُ الْكَلْبُ من ظلمائها الظّنبا

لَا يَنْبَحُ الْكَلْبُ فِيهَا غَيْرَ وَاحِدَةٍ ... حَتَّى يَلُفَّ عَلَى خَيْشُومِهِ الذَّنَبَا

الرَّابِعُ الرَّبِيعُ الثَّانِي- وَالثَّانِي وَصْفٌ لِلرَّبِيعِ- وَهَذَا هُوَ وَقْتُ ظُهُورِ النَّوْرِ وَالْكَمْأَةِ وَشَهْرَاهُ رَجَبٌ وَشَعْبَانُ، وَهُوَ فَصْلُ الدَّرِّ وَالْمَطَرِ قَالَ النَّابِغَةُ يَذْكُرُ غَزَوَاتِ النُّعْمَانِ ابْن الْحَارِثِ:

وَكَانَتْ لَهُمْ رِبْعِيَّةٌ يَحْذَرُونَهَا ... إِذَا خَضْخَضَتْ مَاءَ السَّمَاءِ الْقَبَائِلُ

وَسَمَّوْهُ الثَّانِيَ لِأَنَّهُ يَجِيءُ بَعْدَ الرَّبِيعِ الْأَوَّلِ فِي حِسَابِ السَّنَةِ، قَالَ النَّابِغَةُ:

فَإِنْ يَهْلِكْ أَبُو قَابُوسَ يَهْلِكْ ... رَبِيعُ الثَّانِ وَالْبَلَدُ الْحَرَامُ

فِي رِوَايَة وراوي «رَبِيعُ النَّاسِ» ، وَسَمَّوْا كُلًّا مِنْهُمَا رَبِيعًا لِأَنَّهُ وَقْتُ خَصْبٍ، الْفَصْلُ الْخَامِسُ، الصَّيْفُ وَهُوَ مَبْدَأُ الْحَرِّ وَشَهْرَاهُ رَمَضَانُ وَشَوَّالٌ، لِأَنَّ النُّوقَ تَشُولُ أَذْنَابَهَا فِيهِ تَطْرِدُ الذُّبَابَ. السَّادِسُ الْقَيْظُ وَشَهْرَاهُ ذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ.

وَبَعْضُ الْقَبَائِلِ تُقَسِّمُ السَّنَةَ إِلَى أَرْبَعَةٍ، كُلُّ فَصْلٍ لَهُ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَهِيَ الرَّبِيعُ وَشُهُورُهُ رَجَبٌ وَشَعْبَانُ وَرَمَضَانُ، وَالصَّيْفُ وَشُهُورُهُ شَوَّالٌ وَذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْخَرِيفُ وَشُهُورُهُ مُحَرَّمٌ وَصَفَرٌ وَالرَّبِيعُ الْأَوَّلُ، وَالشِّتَاءُ وَشُهُورُهُ شَهْرُ رَبِيعٍ الثَّانِي- عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ وَصْفَانِ لِشَهْرٍ لَا لِرَبِيعٍ- وَجُمَادَى الْأُولَى وَجُمَادَى الثَّانِيَةُ.

وَلَمَّا كَانَتْ أَشْهُرُ الْعَرَبِ قَمَرِيَّةً وَكَانَتِ السَّنَةُ الْقَمَرِيَّةُ أَقَلَّ مِنْ أَيَّامِ السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ الَّتِي

تَجِيءُ بِهَا الْفُصُولُ تَنْقُصُ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا وَكَسْرًا، وَرَامُوا أَنْ يَكُونَ الْحَجُّ فِي وَقْتِ الْفَرَاغِ مِنَ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ وَوَقْتِ السَّلَامَةِ مِنَ الْبَرْدِ وَشِدَّةِ الْحَرِّ جَعَلُوا لِلْأَشْهُرِ كَبْسًا بِزِيَادَةِ شَهْرٍ فِي السَّنَةِ بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِينَ وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالنَّسِيءِ.